منذ فشل محاولة الإنقلاب في جويلية من السنة الماضية. وأذن الرئيس التركي بإيقاف عشرات وسائل الإعلام الناطقة باسم الأكراد وعدد هام من الصحافة المستقلة المكتوبة و المسموعة و المرئية وإيقاف كل صوت منتقد لسياساته.
محاكمة هذا الأسبوع هي الأولى المبرمجة في سلسلة من المحاكمات ضد الصحفيين الأتراك. يمثل أمام القضاء في محكمة شغليان بإسطنبول أهم الأقلام التركية في مقدمتها قادري غورسال و أيدين أنجين والكاريكاتوري موسى مارت والصحفي الاستقصائي أحمد سيك. 12 من الماثلين أمام المحكمة هم في حالة إيقاف منذ أكثرمن 9 أشهر، و ستة في حالي سراح. أما رئيس التحرير السابق كان دوندار فهو لاجئ في ألمانيا وسوف يحاكم غيابيا. و تم تقديم تهم تعلقت بمساندة ثلاث منظمات «إرهابية» هي حركة الداعية فتح الله غولان المتهم بتنظيم محاولة الإنقلاب و حزب العمال الكردستاني و منظمة تابعة لأقصى اليسار. لكن محضر الإدعاء لا يحتوي، حسب محاميي المتهمين و ناشطين حقوقيين، على أي دليل في تورط الصحافيين في أي مساندة للإرهاب. كل ما في الأمر هو أن اعتمد الإدعاء العمومي على مقالات منشورة وتغريدات في شبكة تويتر و بعض التصريحات التي لا تدل على أي تورط ممكن في شبكة إرهابية. ويخشى الرأي العام الصحفي أن تطبق على زملائهم عقوبات تصل إلى 43 سنة سجنا.
تصفية الصحافة المعارضة للمشروع الإسلامي
أحد المتهمين ، أحمد سيك، الذي تم إيقافه في ديسمبر الماضي بتهمة مساندة فتح الله غولان كان قد اشتهر بكتاباته النقدية للفكر الإسلاموي. و سبق أن نشر كتابا نقديا ضد حركة غولان تحت عنوان «جيش الإمام» الذي حوكم من جرائه و تم سجنه مدة عام لتسليط الضوء على الممارسات غير الديمقراطية للحركة. ويعتقد الملاحظون أن الإيقافات مبرمجة و ممنهجة و القصد منها تصفية الأصوات المعارضة لنظام أردوغان أشارت منظمة مراسلين بلا حدود أن النظام التركي أوقف ، إلى حد اليوم، و منذ 2016 ، 150 صحفيا و هجر 120 آخرين إلتجؤوا إلى البلدان الأوروبية. و أغلقت السلطات التركية أكثر من 100 وسيلة إعلام من صحف و إذاعات و قنوات تلفزيونية ، خاصة تلك التي تنتمي للجالية الكردية. لكن عجلة الإستبداد طالت أيضا وسائل تابعة لتنظيمات يسارية.
صحيفة «جمهورية» تنتمي إلى الإرث الأتاتركي وهي قريبة من حزب الشعب الجمهوري الذي يعادي المشروع الإسلامي الذي يريد فرضه حزب العدالة و التنمية على الشعب التركي بمختلف تنظيماته و ملله و ثقافاته. وبالرغم من أن الصحيفة لا توزع أكثر من 50 ألف نسخة فإنها تمثل المقاومة للمشروع الإسلاموي. في المقابل تم غلق الجريدة اليومية زمان التابعة للحركة الكردية ، وهي أول جريدة من حيث عدد المبيعات التي تصل 600 ألف نسخة يوميا، بالرغم من معاداتها لمشروع غولان و أردوغان اللذين كانا متحالفين ضد الأكراد. و قامت الشرطة بإيقاف عشرات الصحفيين العاملين في الجريدة.
التحكم في العقول
حملة الإيقافات كانت ممنهجة تهدف إلى التحكم في كل ما ينشر و يقال للشعب. فطالت الإيقافات ، إضافة إلى الصحفيين، عشرة من النواب الأكراد و ناشطين حقوقيين في مقدمتهم مديرة فرع منظمة العفو الدولية إيديل أسار و 100 رئيس بلدية كردية و سياسيين من حزب الشعوب الكردي. و استغلت السلطات التركية تهمة «مساندة الإرهاب» للقضاء على أي شكل من المعارضة بإيقاف 50 ألف شخص بتهمة مساندة محاولة الانقلاب وطرد 150 ألف موظف. و أفرغت السلطات الساحة من المفكرين والمربين والأساتذة الجامعيين الذين يحملون فكرا نقديا.
و أجبرت الحكومة الصحفي أحمد إنسال، صاحب يوميات «حرية» و «مليات» ان يتخلى عن بعض العناوين التي يمتلكها لصالح أحد المساندين لأردوغان الذي يعمل في مجال البناء. ويعتبر كريستوف دو لوار، أمين عام منظمة مراسلون بلا حــدود، أن «70 % من الصحافة المكتوبة وبرامج القنوات التلفزيونية أصبحت «وسائل» لصالح أردوغان». وأضاف أن «تركيا أصبحت أكبر سجن في العالم للصحفيين و لمن يريد الدفاع عنهم». حسب ترتيب المنظمة السنوي المتعلق بحرية الصحافة تأتي تركيا هذا العام في المرتبة 155 على 180. وخسرت هكذا أربع مراتب بالنسبة لعام 2016. في العشرية الماضية كانت تركيا في المرتبة 145.