التقارب الروسي التركي وتداعياته على الملف السوري: هل التسوية السياسية قادمة ؟

مثلت حادثة اغتيال السفير الروسي في انقرة في التاسع عشر من الشهر الجاري مفترقا على غاية من الاهمية لمسار الازمة السورية بكل تعقيداتها ..فخلافا لتوقعات الكثيرين بان تعطي هذه العملية الشرارة لانطلاق الحرب العالمية الثالثة ، ساد هدوء لافت في خطاب الطرفين الروسي والتركي

تلاه تفاهم على تسوية سياسية للنزاع بعيد انعقاد لقاء ثلاثي ضم وزراء خارجية ايران وروسيا وتركيا ...ومنذ ذلك التاريخ تسعى كل من انقرة وموسكو -ومن يدور في فلكهما- الى تكثيف التعاون من اجل التوصل الى حل للنزاع السوري ، تجسد خلال الاتفاق الذي تم بموجبه اجلاء مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين الراغبين في المغادرة من مدينة حلب .

اولى تمظهرات هذا التقارب برزت امس مع اعلان الائتلاف السوري المعارض عن دعمه لاتفاق وقف اطلاق النار الشامل في سوريا، والذي تم التوصل اليه برعاية تركية روسية.. ومن بين الفصائل الموقعة على الاتفاق «حركة احرار الشام وجيش الاسلام وفيلق الشام ونور الدين الزنكي». في المقابل اعلن الجيش السوري في بيان ايضا وقفاً شاملاً للعمليات القتالية على جميع الاراضي السورية بدءاً من منتصف ليل امس على ان يستثني تنظيم داعش الارهابي وجبهة فتح الشام.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هل سيصمد هذا التفاهم ، ام ان مصيره سيكون مشابها لما سبقه من تفاهمات اخرى لوقف اطلاق النار برعاية روسية امريكية ذهبت كلها ادراج الرياح؟

في هذا السياق يعتبر المحلل السياسي السوري رامي خليفة العلي ان التفاهم التركي ـ الروسي ربما يكون أكثر جدوى وفعالية من المحاولات السابقة لحل الأزمة السورية، موضحا ان ذلك يعود الى عدة أسباب»: الأول أن الطرفين يبدوان جادين في البحث عن حل -على عكس المحاولات الغربية بقيادة الولايات المتحدة التي عملت على إدارة الأزمة وليس حلها-، والثاني أن روسيا أصبحت تمتلك الكثير من الأوراق في الملف السوري وخصوصا بعد سيطرة النظام بمساعدتها على مدينة حلب. والثالث أن هاتين الدولتين لديهما مساحات مشتركة مع الجانب الإيراني صاحب الحضور الأبرز على الواقع الميداني والعسكري».

ويرى محدثنا ان أفق الحل مرهون بشرطين أساسيين من دونهما سوف تتعقد عملية التسوية، الأول ضم أطرافا إقليمية ودولية لها تأثير قوي في الملف السوري كالمملكة العربية السعودية والغرب، لأن هذه الأطراف إذا شعرت بأن أي اتفاق لا يلبي الحد الأدنى من متطلباتها فإنها قادرة على إفشاله. والثاني أن تؤدي مفاوضات التسوية في نهاية المطاف إلى عملية انتقال سياسي حقيقية بحيث تستطيع المعارضة الموافقة عليها.

ولعل التوجه العام بعد النجاحات التي حققها الجيش السوري في حلب سيقود الى تسوية في اطار الاجتماع القادم في «الاستانة» الذي سيضم اطرافا عديدة اهمها روسيا وتركيا وايران والمعارضة «المعتدلة» ..وذلك لإنهاء نزاع دام اكثر من خمس سنوات وذهب ضحيته اكثر من 310 ألاف شخص علاوة على الدمار الهائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115