وقـف إطلـــاق النـــــار لا يشمل»المجموعات الإرهابية»، حسب بيان وكالة الأناضول. وهو ما يشير إلى مواصلة قصف مواقع الإرهابيين الذين تدعمهم الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا و بلدان الخليج العربي. أما المعارضة المحسوبة على تركيا و التي تضم فصائل الإخوان المسلمين فقد تم نقلها إلى مدينة إدلب أين تم ترحيل عشرات الآلاف من المدنيين في عملية إجلاء حلب بعد مقايضة تمت بين موسكو و أنقرة.
سوريا تحت وصاية الترويكا
إجتماع موسكو ليوم 20 ديسمبر تم التحضير له منذ فشل اجتماع شهر ماي حول المسألة السورية تحت رعاية الأمم المتحدة و جمع وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في غياب الجانب السوري ودول التحالف. وبالرغم من مقتل السفير الروسي في أنقرة، فإن الرئيسين الروسي والتركي سارعا الى الإعلان عن الاتفاق الحاصل في شأن وقف إطلاق النار بعد إجلاء المدنيين والمقاتلين من مدينة حلب واسترجاع النظام السوري السلطة على كامل المدينة.روسيا التي تتحكم في أوراق اللعبة العسكرية و الدبلوماسية منذ تدخلها على الأراضي السورية في 30 سبتمبر 2015 فرضت تنسيقا عسكريا بين وزراء الدفاع للبلدان الثلاثة للتحضير لحل شامل يمهد لمفاوضات سياسية بين النظام السوري و المعارضة السياسية.
من ناحيته خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصرا من المعركة الدبلوماسية التي واجه فيها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بإعلانه يوم 23 ديسمبر في مؤتمر صحفي يعقده سنويا حضره أكثر من ألف صحفي من جل دول العالم عن نجاح «أكبر عملية إنسانية دولية في التاريخ المعاصر تم فيها إجلاء 100 ألف شخص من حلب. آلاف تم نقلهم الى مدن أخرى مقابل الخروج من حلب». وتمكن من إجلاء مئات المقاتلين من الشيعة نحو المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري. بوتين الذي أصبح الحلقة الأقوى في المعادلة السورية غيب الجانب السوري الذي لم يعد يمثل ، في إستراتيجية الكريملين ، سوى ورقة يمكن له أن يستفيد منها في «مفاوضات السلام» التي تحضر لها الترويكا في مدينة أستنا بكازاخستان.
حل الدولة اللائكية
أكد «إعلان موسكو» أن حل الأزمة في سوريا يمر عبر «احترام سيادة واستقلال و مناعة التراب السوري في شكل دولة متعددة الأعراق والديانات ، ديمقراطية ولائكية». وهو ما يعني أن مخطط الحركات الجهادية التي تقاتل من أجل فرض دولة خلافة أو دولة تعتمد الشريعة الإسلامية لن يكون جزءا من مفاوضات السلام القادمة. وهو إقصاء واضح للمشروع الخليجي المدعوم من قبل بعض الدول الأوروبية. التوصل الى هذا الحل لم يكن سهلا لآن موسكو و إيران تدعمان النظام السوري في حين ان تركيا تدعم فصائل الثوار الإخوانيين. لكن نظام رجب طيب أردوغان الذي يمر بأزمة حادة استغل الفرصة لتأكيد دوره الإقليمي مع الحفاظ على نفوذه صلب تنظيمات المعارضة السورية التي يرعاها في اسطنبول.
الجانب الإيراني، من ناحيته، أكد قبل الإعلان عن تشكيل الترويكا على «مواصلة جهود كل الأطراف في المجتمع الدولي من أجل تقديم المساعدة الإنسانية لكل السوريين والعمل على إرساء اتفاق سياسي في سوريا بناء على قرار مجلس الأمن عدد 2254». وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام الدول العظمى الغربية للالتحاق بمشاورات السلام في مدينة أستنا بكازاخستان في حين لم توجه روسيا الدعوات لهم إلى حد الآن. لكن الجانب الإيراني يحرص على التوصل إلى حل نهائي تحت غطاء أممي يمكن من حماية المصالح الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط و يخدم بالضرورة استمرار الاتفاق حول الملف النووي في نفس الوقت الذي تفرض فيه روسيا وجودها كقوة إقليمية في المنطقة مع تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنها.