اغتيال سفير روسيا في أنقرة: العلاقات التركية الروسية بين التهدئة والتصعيد

في يوم واحد وفي أقل من 24 ساعة تحدث جريمتا اغتيال طالت دبلوماسيين كبيرين في الخارجية الروسية ، فبعد ساعات من مقتل سفير روسيا في تركيا اندريه كارلوف برصاص شرطي تركي خلال افتتاحه معرضا فنيا في انقرة، يأتي خبر آخر يهز العالم وهو نبأ اغتيال مسؤول في وزارة الخارجية

الروسية مصابا بطلق ناري في شقته بموسكو صباح امس .. وقد تزامنت عمليتا الاغتيال مع حادثة ارهابية اخرى ضربت المانيا مساء اول امس وتمثلت في دهس عدد من الموطنين في اسواق اعياد الميلاد في مدينة برلين تبناها داعش الارهابي .... وتعيد عملية برلين الى الأذهان سيناريو نيس في وقت يطرح فيه اغتيال المسؤولين الروسيين تساؤلات حول مدى قدرة «داعش الارهابي» على الوصول الى هذا المستوى من التخطيط والتنفيذ ليضرب عقر دار الروس ...

لقد سارعت ردود الفعل التركية الاولى الى ادانة عملية الاغتيال التي حصلت على الأراضي التركية وأمام مرأى ومسمع من رجال الامن الاتراك. فقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو امس إن قتل السفير الروسي لدى أنقرة يهدف إلى الإضرار بالعلاقات بين تركيا وروسيا مضيفا أن البلدين لن يسمحا بحدوث ذلك. والمعلوم ان تركيا التي ساندت ودعمت المعارضة السورية في حربها ضد نظام الأسد تسعى منذ فترة الى اعادة تحسين العلاقات مع موسكو بعد إسقاط طائرة مقاتلة روسية في سوريا العام الماضي.
اما في الجانب الروسي فأعلن وزير الخارجية سرغي لافروف ان الاغتيال يجعل الحوار مع تركيا اكثر الحاحا على حد قوله ..وذلك في وقت تصاعدت فيه المخاوف من ان تؤجج عملية الاغتيال الوضع المتوتر اصلا في الشرق الاوسط وربما تلقي بتعقيدات غير مسبوقة على الازمة السورية...

تهدئة أم تصعيد؟
يرى بعض المتابعين ان ما يحدث ستكون له تداعيات مباشرة على الازمة السورية ..ومن شأنه ان يدفع كل الاطراف الى الجلوس إلى طاولة المفاوضات من اجل القضاء على داعش الارهابي الذي بات خطرا يهدد الجميع ولا يستثني احدا ..ويلاحظ ان تصريحات مسؤولي البلدين تشير الى التهدئة مع انقرة حيث دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس الى عدم «تقديم تنازلات للارهابيين» في الازمة السورية وذلك خلال لقائه نظيره التركي مولود تشاووش اوغلو في موسكو غداة اغتيال السفير الروسي في تركيا... في حين صرح الرئيس بوتين ان الرد الوحيد يكون بتكثيف مكافحة الارهاب».

من جهته، قال المحلل الباحث في الشؤون الروسية خالد العزي ان ما حدث هو رد فعل على ما يحدث في حلب وعلى التدخل الروسي في الساحة السورية واضاف قائلا « من خلال القراءة الاولية لمواقف الصحافة الروسية نلاحظ انها تندد بحادثة القتل وتصفها بالجريمة المنظمة التي تهدف الى تعكير العلاقات الروسية التركية الجديدة.» مشيرا الى ان الاعلام الروسي قد وجه أصابع الاتهام الى التطرّف «الاسلامي» معتبرا ان الاعلام الروسي يعكس موقف الحكومة ..

وهل نحن سائرون إلى تهدئة ام الى حرب كبرى اجاب ان استمرار التنسيق مع تركيا اغلى من اغتيال دبلوماسي او اقتلاع مدينة لان المصالح الاقتصادية أقوى وأغلى من اي شي على حد قوله ..لذلك كان الرد الروسي هو عقد اجتماع بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وعقد اجتماع بين وزراء دفاع روسيا وتركيا وإيران للبحث في عملية تسوية فعلية للازمة السورية . وأشار الباحث الى انه سبق للقوى في موسكو ان اعلنت خارطة طريق لحل الأزمة السورية تبدأ من استمرار إجلاء المقاتلين في حلب والأهالي والعمل على وقف إطلاق النار في سوريا. معتبرا ان روسيا لا تزال مصممة على تنفيذ الاتفاق بشأن حلب للدخول في تسوية سياسية انطلاقا من منصة آستانة عاصمة الدولة الكازاخية . ويوضح محدثنا ان هذه المفاوضات قد سبق ان عقدت من قبل مجموعة المعارضة السورية القريبة من روسيا والتي كانت منسقتها رندا قسيس وقدري جميل ولم تلق اية ايجابيات تذكر لذلك اطلق عليها أفكار آستانة .

تسوية سريعة
واضاف محدثنا ان روسيا تسعى الى فرض تسوية سريعة كأمر واقع مع تركيا قبل بدء الادارة الامريكية الجديدة .وهي ستحاول الخروج من المستنقع السوري بأقل الأضرار لكي لا يتكرر السيناريو الافغاني الذي كان مكلفا جدا لروسيا وكان قائما على التدخل العسكري المباشر لحسم النقاط الحامية . مضيفا انه ليس بالإمكان تنفيذه في سوريا بالرغم من ان روسيا تدخلت في المعارك العسكرية في حلب وسقط لها قتلى وعملت في تدمر على اخراج مندوبيها بواسطة القوة النارية ..واكد ان روسيا تحاول بمساعدة تركيا وضع حل للازمة السورية نظرا للمصالح المالية المتبادلة وعلى رأسها خط الغاز الذي يعد حجر الأساس في العلاقات بين البلدين .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115