الكاتب والمحلّل السّياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب»: «انسحاب هولاند من المعركة الرئاسية لا يضمن نجاح اليسار في هذا السباق الانتخابي» • «بعد انسحاب هولاند أصبح الطريق مُعبّدا أمام رئيس الحكومة مانويل فالس»

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة في حوار لـ«المغرب» أنّ قرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عدم الترشّح في الانتخابات القادمة «تاريخي» باعتبار أنها المرة الأولى التي يعدل فيها ساكن قصر الإليزيه عن الترشح لولاية ثانية.

وأرجع الطوسة هذه الخطوة إلى عدّة أسباب أهمها الشعبية المتدنية لهولاند والضغط الذي مارسه عليه رئيس الحكومة مانويل فالس لإقناعه بان ترشحه سينتهي بـ»فشل ذريع» نتيجة المعارضة الشرسة له داخل الحزب اليساري.

• لو تقدمون لنا تعليقكم على إعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عدم نيته الترشّح لولاية رئاسية ثانية ؟
تعيش فرنسا هذه الأيام على وقع هزات سياسية عنيفة ومفاجئة. فبعد إقصاء نيكولا ساركوزي في تمهيديات اليمين والوسط والاختراق غير المسبوق الذي حققه فرانسوا فيون وهزيمة آلان جوبي، ها هو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يخلق المفاجأة التاريخية بإعلانه انه لن يشارك في السّباق الرئاسي المُقبل. قرار تاريخي بكل معنى الكلمة إذ هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية الفرنسية يعدل فيها ساكن قصر الإليزيه عن مطالبة الفرنسيين بولاية ثانية. وقد غلف فرانسوا هولاند قراره هذا تحت ذريعة انه يضع نصب أعينه مصلحة فرنسا العليا وانه لا يريد أن يساهم في تفرقة وتفتت عائلته السياسية اليسارية وان يكون سببا في نجاح مشروع اليمين المحافظ بزعامة فرانسوا فيون المهدّد للنموذج الاجتماعي الفرنسي أو اليمين المتطرّف بزعامة مارين لوبين الداعي الى عزلة فرنسا وتقوقعها على نفسها..

• ماهي أسباب هذا القرار وتأثيره على المشهد السياسي الفرنسي ؟
كانت لحظة تاريخية ومنعطفا حادا للمشهد السياسي والحزبي الفرنسي تلك التي انسحب فيها فرانسوا هولاند من السباق الرئاسي. هولاند اتخذ هذا القرار تحت ضغط ثلاثة عوامل. الأول الكمين الذي سقط فيه عندما التزم بالمشاركة في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي. فانطلاقا من شعبية متدنية ومن معارضة شرسة له داخل الحزب كان من الممكن أن تتحوّل هذه الانتخابات التمهيدية إلى استفتاء ضد الرئيس هولاند تنتهي بعملية إقصاء مهينة. العنصر الثاني تجلى في المنحى الذي اتخذته انتخابات اليمين والوسط التي شهدت إقصاء عنيفا لنيكولا ساركوزي الرجل الذي كان هولاند يعول على مبارزته في الرئاسيات المقبلة. خروج ساركوزي بهذه الطريقة كان مؤشرا قويا على أن الفرنسيين لن يقبلوا إعادة لمعركة عام 2012.
أما العنصر الثالث والحاسم فإنه يكمن في الضغط الذي مارسه رئيس الحكومة مانويل فالس على فرانسوا هولاند عندما حاول إقناعه بأن مشاركته في هذه الانتخابات لن تتوج فقط بفشل ذريع ومؤكد ولكن قد تساهم في شرخ عميق داخل اليسار مما قد يؤدي أيضا إلى تلاشي الحزب الاشتراكي كما تبخّر في حقبة سابقة نفوذ الحزب الشيوعي الفرنسي الذي كان يتمتّع بتأثير قوي على الحياة السياسيّة الفرنسية.

• ماهي توقّعاتكم لمستقبل الساحة السياسية الفرنسية خصوصا في ظل تنامي حظوظ اليمين التقليدي واليمن المتطرّف ؟
الآن وقد انسحب هولاند أصبح الطريق معبدا لرئيس الحكومة مانويل فالس الذي من المرتقب أن يستقيل من منصبه وينزل حلبة الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي لمقارعة أيقونة اليسار الساخط أرونو مونتبورك. وقد اجمع المراقبون على اعتبار أن انسحاب هولاند من المعركة الرئاسية لا يضمن نجاح اليسار في هذا السباق الذي يشارك فيه اليمين التقليدي مجندا وراء فوانسوا فيون واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبين بينما تفتّتت الزعامات اليسارية بين من سيربح انتخابات الحزب الاشتراكي وممثل جبهة اليسار جان لوك ملونشون وممثل الخضر يانيك جادو بالإضافة إلى مشاركة إيمانويل ماكرون وزير فرانسوا هولاند المستقيل والذي يصبو إلى تعبئة أصوات الوسط.

حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115