لوبي «الايباك» ويعرف حاليا بالجماعة الضاغطة على أعضاء الكونغرس الأمريكي هدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل، ولا يقتصر أعضاء الأيباك على اليهود، بل تضم أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين. ويفرض هذا اللوبي سيطرة كاملة على الشركات المتخصصة في مجال الإنتاج «التلفزيوني والسينمائي»، كما يفرض هيمنته على 80 من الأقمار الصناعية، إضافة إلى امتلاكه شركات عالمية متخصصة بمجال الاتصالات والانترنيت. أما اللوبي «الليبرالي المتشدد» فهو مجموعة من الشخصيات الأمريكية تملك مؤسسات «فكرية وعلمية» وجامعات في مختلف العالم. وأسست آلاف من الجماعات والكليات في العالم. وتملك أيضا منظمات ومؤسسات حقوقية وإعلامية لها تأثير كبير على الرأي العام العالمي.
بينما يتميّز لوبي «المعدن والحديد» عن اللوبيين الآخرين بهيمنته على الاقتصاد والسوق العالمي نتيجة امتلاكه اكبر الشركات في العالم. وتمكنت شركاته الصناعيّة المتخصصة بإنتاج (الأسلحة والطائرات والمعدات الحربية)، بداية 2010 من إعادة نشاطها بشكل كبير عبر تعاقدها مع دول تعاني الإرهاب والحروب والاضطراب الداخلي، كالعراق والإمارات والسعودية وقطر وتركيا وغيرها من بلدان. كما قام لوبي المعدن والحديد عبر شركاته ووسائطه بتخفيض أسعار النفط العالمية سعيا منه لهدم مالية واقتصاد الدول المعتمدة كليا على البترول وإبقائها في دائرة الضعف. ونتيجة لما قام به من دور طيلة فترة حكم اللوبيين (الايباك والليبرالي المتشدد) تمكن لوبي المعدن والحديد بداية عام 2016 من استرجاع شعبيته داخل المجتمع الأمريكي بعدما فقدها لأكثر من 20 عاما حين تعرض العام 1997 من القرن الماضي إلى تهميش وإقصاء من قبل خصميه (الايباك، والليبرالي المتشدد)، وأن إبعاده عن الساحة جاء لاختلافهما معه جملة وتفصيلا سواء في القضايا الداخلية أو الخارجية.
ويعد انتخاب دونالد ترامب علامة على صعود هذا اللوبي الذي عانى من التهميش طوال عقدين سابقين والذي يقوده سرا وزير الدفاع الأمريكي الأسبق «دونالد رامسفيلد»، حيث يعول على ترامب للحفاظ على الإمبراطورية المالية التي يتمتع بها هذا اللوبي، خصوصا بعدما هدد (ترامب) بسحب جميع أمواله وشركاته من اللوبي حال رفض ترشيحه بعد أن سعى (لوبي المعدن والحديد) إلى ترشيح «رامسفيلد»، لذا فان فوز «ترامب» برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن أمرا مفاجئا، بل كان متوقعا حسب تلك المعطيات. وبخصوص ما يدور من حراك حالي للمطالبة بإعادة الانتخابات الرئاسية أمر مستبعد جدا، فما يقوم به الأمريكيون المنتفضون ضد ترامب سينتهي قريبا، لأنه جاء بتحريك خفي من قبل وسائل إعلام ومنظّمات تابعة للوبي ترامب من أجل تضليل الرأي العام لصالحه وتحويل المنتفضين ضده إلى مؤيدين عبر تسويق سيناريوهات ايجابية عما سيفعله ترامب من خدمة كبيرة للأمريكان والعالم بصورة عامة.
ما يجري من حديث عن سعي ترامب لمحاربة المسلمين مجرد تسويق إعلامي اعتمده لوبي ترامب لضرب متبنيات هيلاري كلينتون، وهذه الدعاية حققت لترامب تأييدا شعبيا، كون غالبية الأمريكان يحملون صورة سيئة عن المسلمين والعرب. وهذه الحقيقة يحاول دائما الإعلام الامريكي إخفاءها عبر ترويج صورة عن إنسانية الأمريكيين ويبين فيها أيضا استهجانهم وغضبهم عما يجري من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط. في نهاية المطاف سيكشف الستار بِداية عام 2017 عن نوايا وسياسة ترامب الحقيقية مع العالم، وهل يرغب فعلا بالتقارب مع روسيا؟ أو حسم الملف السوري مثلا؟
أحمد حسن الياسري
كاتب عراقي