بعد فوز «ترامب» ..ومع تواصل الحرب ضد «داعش» الإرهابي واستمرار التصدع السياسي: ما هي أبرز تحدّيات الملفّ الليبي ؟

في الوقت الذي تتواصل فيه الحرب ضد داعش الارهابي في ليبيا وتُسجل يوميا حالات هروب لعناصر هذا التنظيم من سرت ، تبدو ليبيا امام تحديات جديدة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة ، اذ يتخوف الليبيون من تداعيات فوزه على وضعهم الامني والسياسي

الذي بات مرتبطا الى درجة كبيرة بما يحصل في الجوار وفي العالم ..باعتبار ان عديد الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا تتحكم بما يحصل في هذا البلد وتدير دفته ..
يقول الباحث السياسي الليبي محمد عمر ان الشعب الليبي لا يأمل الكثير من الامريكيين وغيرهم إلا أن يكفوا أذاهم عنه، ويوضح قائلا :»فبسبب تدخلاتهم في المنطقة العربية صرنا الى ما نحن فيه من أوضاع أمنية و اقتصادية واجتماعية سيئة». ويؤكد ان الليبيين والعرب يدركون جيدا أن السياسة الامريكية و الغربية مبنية على مصالحها و صراعها مع القوى الكبرى الأخرى التي قد تمثل الطرف الاكثر اعتدالا، على حساب الشعوب الصغيرة وشعوب دول العالم الثالث من أجل نهب ثرواتها وإعادة تصديرها لها مع تصدير الازمات لحل أزماتهم.

الحل داخليا
ورأى انه في ليبيا هناك امكانيات للحل دون الحاجة الى تدخل الدول الاجنبية مؤكدا ان هناك مساع للتقريب بين الليبيين بمختلف توجهاتهم في اقرب وقت ،معولا على دور القبائل الليبية من أجل تحقيق المصالحة . وتابع بالقول :«إن القبيلة هي المكون الأساسي في ليبيا والذي يقوم بالدور الأكثر إيجابية حتى الآن مع شح موارده وإنعدام التعاون الحقيقي معه من طرف المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودول الجوار، وبما أنه اصبح للقبائل جسم قانوني ظهر للوجود منذ عام 2011 وبمساهمة 2000 وحدة اجتماعية ما بين قبيلة صغيرة وكبيرة ومكونات جهوية هي عماد النسيج الاجتماعي الليبي، إستمر هذا الجسم الاعتباري في عمله من خلال اللقاءات والإجتماعات الكبرى في بني وليد ووادي الشاطي ومنطقة ورشفانة وسلوق، وضمت تلك الاجتماعات جل ممثلي القبائل الليبية، تلك القبائل التي تمكنت من إبرام أكثر من 60 % من عمليات الصلح التي شهدتها البلاد خلال الفترة من 2012 حتى 2015 كما كان لها الدور الأكبر في عقد جلسات صلح ومعالجة بعض الإشكاليات العالقة بين القبائل من جهة،وبين القبائل والمليشيات من جهة اخري ، كما كان لها دور بين الميليشيات نفسها».

واضاف محدثنا «ان القبائل تعمل برؤية وطنية فقد قدمت من خلال لجنة العمل الخارجي التابعة للمجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية خارطة طريق لحل الأزمة الليبية تتكون من عشر نقاط وتم تعميمها على كل من منظمة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وروسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية والإتحاد الاوروبي والدول العربية المتأثرة بشكل مباشر بالأزمة الليبية وهي في انتظار ردود تلك الجهات.

اهم العوائق؟
اما عن ابرز العوائق امام حكومة الوفاق الوطني فيري محدثنا ان الدول الغربية الداعمة لحكومة الوفاق الوطني تحاول فرضها كأمر واقع لكنها تصطدم بمعطيين هما : الرفض الشعبي شبه الكلي الذي يري أن هذه الحكومة لا تضع وضعه المعيشي في سلم أولوياتها وتعجز عن توفير الامن والأمان وتحييد وحل المليشيات المسلحة التي تعيث فسادا وإفسادا وتروع الآمنين.على حد قوله.

وفي ما يتعلق برفض قيادة الجيش الليبي لهذه الحكومة يري أنها حكومة الوصاية الدولية. فيؤكد ان هناك فرضيتين اما عودة حكومة الانقاذ بقيادة الغويل او ممانعة المفتي السابق الصادق الغرياني، فهذه أمور لا يري الغرب أنها تشكل عوائق جدية في وجه تقبل حكومة السراج ولا تعدو كونها زوبعة في فنجان ومن واجب الغرب العمل سريعا على معالجة هذين العائقين الجديين والخطيرين حتي يتسني تقبل حكومة السراج.

 

الصراع بين «الكرامة» و«الفجر» ؟

ما هو مستقبل الصراع بين الكرامة والفجر ..يجيب محدثنا انه لابد من تقييم الصراع بين عمليتي الكرامة والفجر، و ذلك يستلزم النظر الى الامر من مستويين، الاول محلي والثاني اقليمي ودولي:

فعلي المستوي المحلي:

كانت عملية الكرامة استجابة لمطلبين شعبيين ملحيّن بضرورة فمن ناحية جاءت استجابة لإعادة بناء المؤسسة العسكرية الليبية من الافراد الذين يحملون أرقاما عسكرية وكانوا اعضاء في الجيش الليبي قبل احداث 2011، أما من الناحية الثانية أن عملية الكرامة علي المستوي المحلي كانت ايضا استجابة لمطلب ايقاف والقضاء على سرطان التطرف والارهاب الذي تغول في الشرق الى حد أن حل محل الدولة الرسمية بمؤسساتها ولا سيما في مدن بنغازي ودرنة واجدابيا. أما عملية الفجر فهي كانت محصلة طبيعية لصراع النفوذ بين أمراء الحرب وقادة المليشيات المسلحة، من هنا حظيت عملية الكرامة بتأييد شعبي واسع في حين تم رفض الفجر لأنها لا تعني الشعب من أساسها، هذا على المستوي المحلي.

على المستوي الاقليمي والدولي:
يرى الباحث الليبي ان العمليتين استمرار للاستقطاب الحاد في ليبيا وصورة مختزلة للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي وحرب بالانابة عن مصالح الدول الاخرى في ليبيا التي استبيحت:

- فالفجر عماده تيارات الاسلام السياسي ولا سيما تيار الاخوان المسلمين وداعموه هم تركيا وبعض الدول الخليجية عبر البوابة السودانية والدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا.

-اما الكرامة داعموها هم مصر والسعودية والامارات ومؤخرا دخلت روسيا والاردن على الخط.

ويعتبر محدثنا انه رغم الانتصارات التي تحققها عملية الكرامة على حساب الفجر المتورط حتى النخاع مع الاصولية الدينية وتنظيمات الارهاب كمجالس الشورى وانصار الشريعة وغيرهم، رغم ذلك لا يرى أن الانتصار لهذا الطرف او ذاك سيكون على الارض بقدر ما يتوقف على ترتيبات الدول الداعمة ومدى تعارض او توافق مصالح تلك الدول مع راهن الحالة الليبية.
اما في ما يتعلق بدور المجلس الرئاسي ازاء التحديات التي تواجهها البلاد اجاب محدثنا قائلا :« إن المجلس الرئاسي جسم ولد ميتاً وهو يعيش في غرفة الانعاش في انتظار لحظة إعلان وفاته» .ويوضح ان حجم التناقض والتخبط داخله والعمل على اضفاء الشرعية على

مليشيات مسلحة لا قواعد شعبية لها وتعاني النبذ والرفض الشعبي لها! هذا فضلا عن ان عجزه حتى الان في استصدار قبول من البرلمان الليبي والخلافات الحادة بين افراد هذا المجلس، هذه الامور مجتمعة شلت من فعالية وقدرة هذا المجلس الذي نرى أنه سيعمر لثلاثة اشهر قادمة ثم يختفي نظرا الى اهمية هذا المجلس للدول الغربية خلال هذه الاشهر».

وتابع:«ان ما يحصل في ليبيا اليوم هو حرب أهلية ممولة خارجيا وجدت ارضية خصبة لها في ليبيا نظرا الى تدني وعي الناس وعدم ادراكهم لحجم المخاطر معتبر ان معظم الشعوب العربية لا تعي ضرورات التعايش السلمي وترفض تقبل الاختلاف والرأي المغاير وغياب مفاهيم الدولة المدنية، دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115