من السياسة الناعمة إلى السياسة الصدامية: مٌستقبل السياسة الأمريكيّة تجاه الأنظمة الإسلاميّة بعد خسارة كلينتون !

إثر إعلان فوز دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة وسقوط آمال منافسته هيلاري كلينتون ، ظهرت في الواجهة عدّة نقاط تستوجب التطرّق إليها وتتعلّق بسياسة أمريكا في العالم وخاصّة في منطقة الشّرق الأوسط وبصفة أدق بمستقبل سياسة الإدارة الأمريكيّة

الجديدة إزاء الأنظمة الإسلاميّة بعد خسارة المرشحة الدّيمقراطية ، التي كان من المُتوقّع أن تكون إستراتيّجيتها مشابهة للرّئيس السّابق باراك أوباما .

نجاح الملياردير الأمريكي دونالد ترامب في الدخول إلى البيت الأبيض شكّل صدمة في العالم مافتئت حدّتها تخبو ، لتنتقل الاهتمامات الدوليّة إلى دراسة السياسة الأمريكيّة الجديدة التي من المُزمع أن يتبعها ساكن البيت الأبيض الجديد وفريقه إزاء ملفات حارقة تقضّ مضجع دول العالم لعلّ أهمها الإستراتجية الأمريكية إزاء الأنظمة الإسلامية في العالم العربي ، والتي يرى مراقبون أنها أخذت منحى مغايرا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي وصعود نجم الإسلام السياسي .

بداية وعقب اندلاع الثورة في مصر جانفي 2011 ، باركت واشنطن وصول محمد مرسي الرئيس الاخواني إلى سدّة الحُكم ، لكن العلاقات المصرية الأمريكيّة توتّرت لاحقا بعد سقوط حكم الإخوان في مصر وصعود المشير عبد الفتاح السيسي . ورغم أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة برئاسة اوباما لم تعبر عن موقفها الرافض لحكم السيسي علانية في ذلك الوقت إلا أن ذلك ظهر جليا في قراراتها التي اتخذتها وأهمّها إلغاء مناورات عسكرية وتعليق الدعم العسكري للقاهرة آنذاك. ويربط مُراقبون فوز ترامب ببداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين سيكون أساسها دعم إدارة البيت الأبيض بقيادة ترامب لحكومة السيسي.

بالإضافة إلى أهمية السياسة الأمريكيّة في القاهرة ، تظهر إلى الواجهة العلاقات الأمريكيّة الخليجيّة وبالأساس العلاقة بين القاهرة وواشنطن الحليفين التقليديين، حيث يظهر خطاب ترامب الانتخابي توجّهه نحو إعادة رسم حدود الخارطة السياسية في المنطقة العربية . ويؤكّد متابعون للشأن الدولي أن تعارض الرؤى الخارجيّة (السياسة التركيّة السعوديّة والروسية الإيرانية) من ملفات الشرق الأوسط وبصفة خاصة إزاء المعادلة السورية ، ستشهد تغيرات جذرية في عهد دونالد ترامب.

سياسة ترامب في تركيا ومصر والسعودية
من جانبه قال الكاتب اللبناني المختص في الشؤون السعودية والتركية علي مراد في حديثه لـ«المغرب» أنّ هيلاري كلينتون كانت سوف تستمر بسياسة باراك أوباما لو أنها وصلت إلى البيت الأبيض، وهذا ما يفسر تشجيع ودعم أنظمة عربية وإسلامية لها، بالإضافة إلى منظمات دولية على غرار جماعة الإخوان المسلمين وفق تعبيره.

وأضاف مراد «يقول وليد فارس، مستشار دونالد ترامب، أن الأخير سوف يقوم بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، واعتقد بأن هذا التوجه جدي، كون ترامب ينظر إلى جميع التنظيمات الإسلامية نظرة واحدة، فهو يراها أساس التطرف والإرهاب الذي ضرب مختلف دول العالم» .

وعلى صعيد الوضع في مصر، أجاب محدّثنا أن ترامب سوف يعزز حكم الرئيس السيسي وسوف يدعمه عسكرياً ومالياً ومعنوياً . كما أشار مراد إلى أنّ ترامب مُعجب بالأكراد وتجربتهم في حربهم ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ويؤكّد انه سوف يدعمهم في حربهم ضد التنظيم وسيعمل على زيادة تسليحهم، وهذا سوف يساهم في توتر العلاقة بينه وبين نظام أردوغان والعدالة والتنمية. وتابع محدّثنا «هذا السيناريو طبيعي، وهو معلوم لدى نظام العدالة والتنمية إذ أظهرت تسريبات ويكيليكس أنّ أردوغان كان يدعم حملات مرشّحي الحزب الديمقراطي وحملة كلينتون بالتحديد، لعلمه أنّ ترامب لن يكون في صالح تطلّعات أردوغان ونظامه».

وعلى صعيد العلاقات الأمريكية السعوديّة قال محدّثنا أنّ دونالد ترامب سوف لن يطبق حرفيا ما قاله تجاه المملكة في خطاباته الانتخابيّة، لكن حُكما سوف نشهد تغيّرا في المقاربة الأمريكيّة الترامبيّة تجاه السعودية على حدّ قوله . وأشار مراد إلى أنّ السعودية تسعى حاليا بعد وصول ترامب إلى محاولة إيجاد سبل وآليّات تمكنها من التقرّب إليه سعيا منها الى حلحلة التعقيدات والنظرة السلبيّة تجاهها لديه .

وتابع انّ السياسة الجديدة قد تشهد تعديلا في فقرات بنود قانون «جاستا» على سبيل المثال، قائلا أن أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من كلا الحزبين اتفقا قبل بدء الانتخابات أن القانون بصيغته الحالية سوف يؤدي إلى اختلال في مبادئ القانون الدولي ومبادئ الدبلوماسية مع الدول، وبالتالي تعديل بنود فيه أمر واقع، ولكن سوف يبقى للقانون وقع معنوي على السعودية كونها ستظل المستهدفة الأولى منه » على حدّ تعبيره.

من السياسة الناعمة إلى السياسة الصدامية
وعن الفرق بين سياسة أوباما تجاه الأنظمة الإسلامية وسياسة خلفه ترامب المتوقعة أجاب الكاتب اللبناني أنّ أوباما اعتمد السّياسة الناعمة في الشرق الأوسط، وخاض حروبا بالوكالة عبر أذرع معيّنة، وعلى رأس هذه الأذرع التنظيمات الإسلامية وأهمها جماعة الإخوان المسلمين . وأضاف محدّثنا «أن ترامب بالتأكيد لن يستمر في السياسة نفسها ، وسيسعى الى تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي وسينتج أيضا حربا مشتركة (أمريكيّة روسيّة) ضدّ التنظيمات الاخوانية والأخرى القريبة من القاعدة في سوريا على سبيل المثال تنظيم «داعش» في طريقه للاختفاء من الصّورة مع النجاحات في العراق، والاستعداد للانقضاض عليه في سوريا، ترامب سوف يدعم كلّ الجهات التي تقاتل «داعش» و»القاعدة» وبشكل عام، وصول ترامب سيكون له أثر كبير على عمليّة محاربة التنظيمات الإرهابيّة إذ سيحصل ذلك بتنسيق روسي أمريكي، حيث أنّ السياسة الأمريكيّة الأخيرة الّتي اتّبعها أوباما وحابى فيها تنظيم «جبهة النّصرة» في حلب، هذه السياسة سوف تنتهي».

وأشار محدثنا إلى أن «سياسة ترامب ستكون أكثر وضوحا تجاه المملكة ، حيث كان أوباما يُحابي ويتفهم حليفته التقليدية الرياض، ولا يقسو عليها في ما يخص الطلبات الأمريكية في الداخل السعودي وهنا اقصد عملية تقليص نفوذ المؤسّسة الدينية داخل المملكة، فترامب سيجعل الرياض تسير في هذا المجال وفي حساباتها انها ستخسر الكثير من رصيدها لدى إدارة ترامب إذا تقاعست ، وعملية تقليص نفوذ المؤسسة الوهابية لن تكون سهلة ومن شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات داخل السعودية، وترامب لن يمانع ذلك لأنه ينظر إلى السعودية على أنها من الحلفاء الذين يجب أن يدفعوا ثمنا باهظا لقاء استمرار العلاقة الجيدة مع واشنطن».

وأشار محدّثنا إلى أنّ كل الحديث والفرضيات والتحليلات التي تتحدث عن سعي ترامب لتدمير السعودية ليس دقيقا، معتبرا انه سيدفعها مرغمة إلى أن تعيد هيكلة نفسها بدور وظيفي مختلف عما سلف، ففي النهاية تظل واشنطن بحاجة إلى حكم آل سعود في شؤون مكافحة الإرهاب والصراع مع إيران في المنطقة على حدّ تعبيره.

وعن أفق سياسة ترامب الجديد إزاء الإرهاب في العالم قال الباحث اللبناني المختص في الشأن السعودي «انّ مرحلة مظلمة سيعانيها من كانوا يستفيدون من سياسة أوباما في المنطقة، وعلى رأس هذه الجهات جماعة الإخوان وحركات الإسلام السياسي . وأضاف «نعم أتوقع ان تشهد حقبة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط مرحلة أفول مع تعزز التنسيق الأمريكي الروسي ودعم الدول المستهدفة من هذا الإرهاب في المنطقة».

مستقبل الاتفاق النووي
وعن أفق الاتفاق التاريخي بين إيران والغرب أجاب محدّثنا انّ ترامب لن ينفذ ما قاله خلال حملته بأنه سوف يلغي الاتفاق النووي لما يحمله ذلك من عواقب اكثر كلفة من إبقائه ، مشيرا إلى أنّ الاتفاق ليس فقط بين إيران والولايات المتحدة ، بل يضمّ أيضا دولا أوروبية وروسيا والصين .

وتابع «هنا يمكن القول ان روسيا ستلعب دورا كبيرا في عملية تلطيف الأجواء بين إدارة ترامب وطهران، كون الأخيرة منخرطة حتى النخاع في عملية مكافحة الإرهاب في المنطقة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115