والاستماتة في الدفاع عن استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل وتوطيد الحق النقابي مغاربيا وإفريقيا داخل الوطن وخارجه.
اليوم، وبعد مرور 49 سنة على وفاة الزعيم النقابي أحمد التليلي، وببادرة من مركز الدراسات والأنشطة العمالية ومؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية، أحيا النقابيون ذكرى وفاة هذا الزعيم وذلك من خلال تنظيم ندوة فكرية بمقر الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي بعنوان «الحركة النقابية والنضال من أجل الديمقراطية» حضر فيها العديد من النقابيين والشخصيات السياسية، والمفكرين.
وقد تطرّقت المداخلات خلال هذه الندوة إلى مسألة العلاقة بين التحرك النقابي والنضال الديمقراطي بالتوقف عند تجربة المناضل النقابي أحمد التليلي السياسية والوطنية والنقابية، من خلال قراءة معاصرة للرسالة التي اعتبروها تاريخية وجهها في 26 جانفي 1966 للزعيم الحبيب بورقيبة، داعيا إياه إلى تأمين المقاربة التشاركية والديمقراطية في الحياة السياسية والمجتمعية.
الأمين العام المساعد للاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي، عبد المجيد الصحراوي قال لـ»المغرب» إن هذه الرسالة، تضمّنت العديد من المواقف الشجاعة والوطنية في فترة الانفراد بالحكم والرأي في الحزب الواحد، فترة لا يجرؤ فيها أحد على انتقاد الحزب الحاكم، أو الإصداع برأي مخالف للرئيس بورقيبة.
أحمد التليلي الذي عرفته ساحات النضال من أجل تكريس النزعة الديمقراطية داخل الحزب كان يطالب منذ مؤتمر المصير ببنزرت عام 1964 باعتماد الانتخابات بدل التعيينات في مستوى الديوان السياسي للحد من الانحرافات ونزعة الانفراد بالحكم.
رجل العمل السري أيام الكفاح من أجل تحرير الوطن من الاستعمار، ثم عضوا بالديوان السياسي للحزب الحر الدستوري الجديد، عندما كان الظرف يدعو إلى بناء مقومات السيادة في فجر الاستقلال وكان بالمرصاد للانحرافات التي بدأت تظهر منذ مطلع الستينات عندما دخل الحزب في مرحلة الاستئثار بالحكم واعتبار المنظمات الوطنية تشكيلات تابعة له، وعندما استفحلت نزعة الرأي الواحد وبدأت القطيعة بين النظام والنخبة والجماهير، كانت النهاية بين النظام البورقيبي والنقابي أحمد التليلي الذي رحل عن تونس وأرسل الرسالة الشهيرة إلى بورقيبة.
هذه الرسالة التي اعتبرتها جلّ المداخلات مفعمة بالوطنية والروح الديمقراطية من أجل كبح جماح التسلط ونزعة الإنفراد بالحكم، لم تنشر إلا بعد عشر سنوات من كتابتها أي سنة 1977 في جريدة الرأي.
وتعتبر هذه الرسالة وثيقة تاريخية لما تحتويه من معان، وقد ارتبط نشرها مع إرهاصات إحدى أكبر الخصومات التي خاضها الاتحاد العام التونسي للشغل دفاعا عن استقلاليته إزاء محاولة أخرى من محاولات تدجينه، ولم يكن للاتحاد الذي كان يحتضن نضالات المجتمع المدني من أجل الحرية والديمقراطية، وقتها سوى المطالبة بالديمقراطية.