في حال تواصل الوضع على ما هو عليه، رسائل موجهة الى الكلّ بداية من رئيس الدولة مرورا بالحكومة والأحزاب السياسية وصولا الى داخل المنظمة خاصة في ظل ما يثيره تنقيح الفصل 20 من القانون الأساسي للاتحاد من جدل.
اعتبر الامين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي امس الإربعاء ان الطابع الاستعجالي للوضع الراهن خاصة في ظل إمكانية ظهور شبح الإفلاس وانهيار الاقتصاد، وما سينجرّ عنه من تبعات اجتماعية وأهليّة وخيمة، يدفع نحو حتميّة وضع برنامج للإنقاذ الفعلي وإنفاذه مهما كانت الضّغوطات والتّحديات، برنامج إنقاذ فعلي ينطلق في البداية بدعوة النّخبة السياسية وخاصة الحاكمة إلى أن تثوب إلى رشدها وتغلّب المصلحة الوطنية دون سواها وتتفادى ازدواجية الخطاب، وفق تعبير الطبوبي.
وقد جدد الطبوبي دعوته، في كلمة ألقاها خلال اليوم الأول من أشغال المؤتمر الـ25 لإتحاد الشغل الذي يتواصل بصفاقس اليوم الخميس وغدا الجمعة، الدعوة إلى أن تحسم كلّ القُوى السياسيّة الديمقراطية والمدنية والمجتمعيّة والمهنيّة والثقافية والعلميّة موقفها النهائي والقطعي إزاء التّعاطي العاجل والموحّد مع الأزمة الحالية، وأن تتحمّل مسؤوليّاتها التاريخية للغرض من خلال برنامج لإنقاذ تونس وإنجاحه بعيدًا عن الحسابات الشخصية أو الحزبيّة الضيّقة.
كما دعا الطبوبي إلى الكفّ عن كلّ الممارسات المريبة التّي تمسّ من هيبة الدولة وعُلويّة القانون وتُروجّ للكراهية وخطاب التّقسيم، كما دعا من اسماهم «القائمين على الشّأن العام» إلى الالتزام بأن يكونوا القدوة لمختلف المواطنات والمواطنين وخاصة للشّباب منهم واحترام الدستور والتّحفّظ والتّحلّي بروح المسؤولية.
ووجه نور الدين الطبوبي دعوة للحكومة إلى تقديم خطاب واضح والمصارحة بحقيقة الأوضاع ووضع برنامج اقتصادي واجتماعي تشاركي قابل للتطبيق على نحو عاجل من أجل دفع الاستثمار والنّمو الاقتصادي والتّشغيل والتّنمية الشّاملة وتعزيز التّعاون الدّولي على نحو شفّاف والالتزام بخدمة البلاد طبقا للحاجيات الحقيقية للمواطنين وتكريس الحوار الاجتماعي وتطويره واحترام الحق النقابي .
الآمال تتبدّد والإستشارة لا تكفي
تلك الدعوات التي وجهها أمين عام اتحاد الشغل لكل الاطراف الفاعلة في إدارة الدولة والشان العام كانت بعد توصيف للوضع الذي كانت تعيشه البلاد قبل تاريخ 25 جويلية وبعده تاريخ الإعلان عن قرارات رئيس الجمهورية بتفعيل الفصل 80 من الدّستور وإعلان التّدابير الاستثنائية والتي أكد الطبوبي مرة اخرى ان الاتّحاد العام التّونسي للشّغل ساندها نظرا لـ»توقه الكبير لتصحيح المسار والقطع مع عشرية الفساد والخراب وعدم الرّجوع نهائيا إلى الوراء».
لكن الآمال التي أحيتها إجراءات 25 جويلية، وفق أمين عام إتحاد الشغل، بدأت تتبدّد شيئا فشيئا خاصّة مع رفض الحوار والتّفاعل الجدّي مع كلّ القوى السّياسية والاجتماعية في تغييب تامّ للمسائل الاقتصادية والاجتماعية الحارقة وافتقاد رؤية واضحة لاستشراف المستقبل والمضيّ على نهج الإصلاح، و غياب خارطة طريق واضحة المعالم لإدارة الفترة الاستثنائية وتأمين خروج سلس منها مع تعليق العمل بأغلب أبواب الدّستور ومحاولات الالتفاف على الحقوق والحريات.
كل ذلك من وجهة نظر الأمين العام لاتحاد الشغل زرع الانطباع لدى العديد من الملاحظين بوجود إدارة مزاجية وارتجالية للشّأن الوطني وبداية الانزلاق نحو خيارات لفظها الشّعب كالحكم الفردي، خيارات على رأسها وفق ما قاله الطبوبي «ضرب كلّ أسس التّشاركية الفعلية والحوار الاجتماعي المقنّن بالمعايير الدّولية مع إقرار الأغلبية بتفاقم الضّبابية في ظلّ تنامي الشّكوك حول ظهور مشروع سياسي يثير كلّ الرّيبة ومخاوف جدية من خطر نسف مسار الانتقال الدّيمقراطي ومضيّ تونس نحو المجهول».
في المقابل أكد الطبوبي ان الإتحاد العام التونسي للشغل إستبشر بوضع «ما يشبه الخارطة السياسية» التي تتّجه إلى استفتاء فإلى نتخابات تشريعية سابقة لأوانها خاصة انه من الممكن ان تكون بداية الخروج مما اسماه الطبوبي « المأزق السياسي الذي تردّت فيه البلاد منذ ما يناهز العقد»، ليستدرك امين عام إتحاد الشغل بالتأكيد أنّ الاستشارة الالكترونية التي تمّ الإعلان عنها لا يمكن أن تحلّ محلّ الحوار ، وهو ما جعله يُجدّد الدعوة إلى وجوب فتح حوار وطني حقيقي وتشاركي في مناقشة الدستور والقوانين الانتخابية وغيرها.
موقف الإتحاد
وحدد أمين عام الاتّحاد العام التّونسي للشّغلأ التذكير بان المنظمة نبّهت في العديد من المناسبات إلى دقّة الأوضاع وضرورة التّدارك قبل فوات الأوان،ليضيف قائلا « إلاّ أنّ الوضع ازداد تعقيدا وخطورة وتهديدا لوحدة تونس، وأمام ما يجري من غياب صوت العقل والعبث بمصالح الوطن على نحو خطير، لم يعد ممكنا ترك البلاد على حالها في انتظار الانزلاق إلى الهاوية واستحالة الإنقاذ التي تتيح للبعض تمرير مشاريعهم وأجندتهم التّي تستهدف الدولة المدنية والحداثية تغليب مصالح اللوبيات والعائلات المتنفّذة وحماية المارقين عن القانون.
كما لم يعد ممكنا اليوم، في تقدير نور الدين الطبوبي، قبول السّياسات المتّبعة من طرف الحكومات المتعاقبة وتدمير المرفق العمومي والتّخلي عن الدور الاجتماعي والتّعديلي للدّولة أو المضيّ على نهج الحلول الترقيعيّة والشّعبوية والإجراءات الظّرفية عديمة الجدوى والفاعليّة خاصة انه لم يعد سرّا أنّ تونس قد وصلت إلى طريق مسدودة وباتت بصورة جدية وغير معلنة على مشارف الانهيار، وفق تعبير أمين عام الإتحاد.
ولا حل لكل تلك التهديدات عل المستوى الاقتصادي والاجتماعيلا دون حلحلة موضوعية وقطعية لانخرام المنظومة السّياسية ككلّ،وفق الطبوبي الذي شدّد ان موقف الاتحاد العام التونسي للشغل يتلخّص في «رفض للعودة إلى ما قبل 25 جويلية كأغلبية التونسيات والتونسيين والتمسّك بتصحيح المسار الديمقراطي (...) بعيدا عن الاصطفاف مع أي طرف سياسي كان ودون الرّجوع إلى الوراء في خيارات لفظها الشّعب كالديكتاتوريّة أو الحكم الفردي، وفق تعبيره.
داخليّا
الكلمة التي ألقاها الامين العام لإتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بمناسبة إفتتاح المؤتمر، لم تكن خلال إفتتاحه فعليّا وامام الضيوف، حيث ألقاها الطبوبي خلال إفتتاح أشغال المؤتمر في جلسة مُغلقة حضرها فقط نواب المؤتمر الـ25 للإتحاد، وبطبيعة الحال كان أول ما تعرض له الطبوبي إشكالية الفصل 20 وما يحوم حوله من جدل وخلاف وإتهامات، حيث أوضح ان المؤتمر ينعقد بعد انعقاد المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي (...) للنّظر في جملة من المقترحات لتطوير القانون الأساسي للمنظّمة وقد حظيت بمصادقة الأغلبية المطلقة من نواب المؤتمر الاستثنائي .
وبعد التوضيح ان صيغة إعتماد التنقيحات التي طرأت على القانون الأساسي كانت قانونية، مر الطبوبي الى توضيح أسباب اعتمادها أصلا وهي تتلخّص في إتاحة الإمكانية أمام قيادة الإتحاد لـ» إنجاز المهام التي أوكلها إ
الطبوبي في كلمة إفتتاح المؤتمر الـ25 لإتحاد الشغل: رسائل ودعوات لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه قبل انهيار الدولة
- بقلم مجدي الورفلي
- 12:09 17/02/2022
- 685 عدد المشاهدات
حملت كلمة أمين عام إتحاد الشغل المُتخلّي نور الدين الطبوبي، والمنتظر إعادة إنتخابه أمينا عاما للمنظمة لدورة أخيرة، رسائل ودعوات الى الكلّ للوعي بان الدولة ستنهار