أكد رئيس لجنة التشريع العام صلب مجلس نواب الشعب نجم الدين بن سالم في حوار مع «المغرب» انه سيقع إنهاء النظر في مقترح تنقيح احكام الشيك دون رصيد من المجلة التجارية في نهاية فيفري الجاري مرجّحا ان يكون للتعديلات اثر رجعي، وقال بن سالم ان التعديل سيكون في أحد إتجاهات ثلاثة منها إلغاء العقوبة السجنية أوالإبقاء عليها كحلّ اخير بعد صدور حكم بات ونهائي. وفي سياق آخر أكد رئيس اللجنة المختصّة في مقترح تعديل القانون 52 ان رأيه الشخصي يتمثل في التخلي عن العقوبة السجنية بالنسبة لمستهلكي القنب الهندي معتبرا ان الدولة متواطئة في ملفّ المخدرات بصفة عامة والقنب الهندي بصفة خاصة عبر التغطية على الجهات التي تقوم بإدخال آلاف الاطنان من القنب للبلاد وإستهداف الحلقة الاضعف المتمثلة في المستهلك والمروّج الصغير وهي وفقه سياسة الدولة ككلّ سواء في مكافحة الاحتكار أو المضاربة بالاسعار أو غيرها من الملفّات. وفيما يلي نص الحوار:
• مقترح تنقيح احكام الشيك دون رصيد من المجلة التجارية خاصة عبر إلغاء العقوبة السجينة، لماذا علّقت لجنة التشريع العام النقاشات بخصوصه ؟
عقدنا صلب اللجنة جلسات إستماع ماراطونية لكل الاطراف المعنية والمتداخلة في الملفّ نظرا لأهميّة الموضوع الذي يمسّ كل التونسيّين تقريبا بصفة مباشرة وغير مباشرة وهو ما دفعنا الى تعميق النقاشات بالخصوص، وهو يمسّ المؤسسات الصغرى والمتوسّطة التي تمثّل حوالي 80 % من النسيج الإقتصادي في البلاد وقد اغلقت حوالي 54 % منها بسبب ازمة الكوفيد 19 والبقيّة مهدّدة بالإفلاس وبالتالي لا يُمكن إلغاء العقوبة السجنيّة بجرّة قلم حيث يجب ان يكون النص القانوني إطارا لحماية الجميع وتحقيق تلك الموازنة.
المهم على ضوء النقاشات إرتأت جهت المبادرة ان مقترح القانون بصيغته الحالية لا يُمكن ان يمرّ، وهو ما دفعها إلى طلب العودة به الى داخلها لتحيين نسخة مقترح القانون ونحن في انتظار إعادته للجنة من جديد لإستئناف النقاشات بخصوصه لإنهائه وإحالتها على مكتب البرلمان في نهاية فيفري الجاري.
• على ما يبدو أن هناك خلافات عميقة بخصوص إلغاء العقوبة السجينة من عدمها في جرائم الشيك دون رصيد ؟
بعد الإستماعات والنقاشات خلصنا الى 3 وجهات نظر، وهي إلغاء العقوبة السجنية كليّا كوجهة نظر الجهة المبادرة فيما يتمثل الرأي الثاني في الإبقاء على العقوبة السجنية مع التخلي عن إقرارها مع النفاذ العاجل لمنح من أصدر الشيك دون رصيد أكثر فرص للخلاص وحين يُصبح الحكم باتا ونهائيّا يقع المرور الى تنفيذ العقوبة السجنية خاصة انه حاليا يقع إيقاف حتى من لم يصدر في حقه حكم إبتدائي وتتم إحالته في حالة إيقاف وفي الحقيقة هذا مكبل لخلاص الشيك.
فيما يتمثّل الرأي الثالث والذي طرحه حتى ممثلو أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسّطة وهو يفيد بأن إشكال الشيك دون رصيد هو إشكال بين الشركات والمواطن التونسي ولا دخل للدولة فيه للحكم عليه بالسجن وإيقافه دون منحه أي فرصة للعمل على خلاص الشيك، ومنه طرحوا عدم تدخل الدولة بالطريقة الحالية وفسح المجال أمام التقاضي للحكم على صاحب الشيك دون بدفع القيمة المالية للشيك على أقساط وفي حال التخلّف عن دقع قسط يقع حينها المرور الى العقوبة السجنية وتصبح حينها الجريمة ليست إصدار شيك دون رصيد إنما عدم دفع قسط.
• هل سيكون لمقترح القانون في حال تبنّيه مع إلغاء العقوبة السجنيّة أو ايجاد حلّ وسط، أثر رجعي ؟
نعم، مقترح القانون يتضمّن فصلا ينص على الاثر الرجعي للقانون، وهو اهمّ ما في مقترح القانون في تقديري بطبيعة الحال وفي نفس درجة ما ستؤول اليه نقاشات التعديل فطرح الإشكال يعود الى ما يعانيه المواطنون والشركات حاليا وليس ما ستعانيه في المستقبل وحتى ان لم نذهب في التنصيص على الأثر الرجعي فيُمكن لرئيس الجمهورية إصدار عفو خاص عن المحكومين بالسجن في جرائم الشيك دون رصيد.
• حاليّا تناقشون مقترح قانون لتعليق الآجال لتجاوز إشكال إضراب القضاة وكتبة المحاكم، لو توضح اسباب التقدم به وما سيفيد به ؟
بالنسبة لإضراب القضاة لم يكن له آثر على آجال التقاضي وحقوق المحكومين خلافا لإضراب كتبة المحاكم الذي منع التقدّم بمطالب الإستئناف والتعقيب والإعتراض، وحاليّا بعد الإضراب نجد قضايا نريد الدفع بمطالب إستئناف بخصوصها خارج الآجال القانونية المتمثّلة في 10 أيام من صدور الحكم الإبتدائي رغم ان المطالب تُقبل ولكن بإمكان الخصم الطعن فيها لكونها خارج الآجال وهو دفعنا الى التوجه الى تقنين تعليق الآجال لتفادي التأويلات وإصدار احكام مختلفة بالخصوص من طرف المحاكم في أنحاء الجمهورية وخلق إشكال نرى ان البلاد ومسار التقاضي بكل مكوناته في غنى عنه.
ومقترح القانون ينص على تعليق الآجال بداية من تاريخ إنطلاق إضراب كتبة المحاكم الى حين رفعه، أي من 23 نوفمبر 2020 الى حدود بداية جانفي 2021، وقد تمت إحالته على اللجنة الاسبوع الجاري مع طلب إستعجال النظر وقد إستمعنا الى الجهة المبادرة وسنتسمع الى مختصّ في القانون ومن ثم سنمر الى النقاشات لاحالته على مكتب المجلس في غضون اسبوع كما ينصّ النظام الداخلي للبرلمان بالنسبة لمشاريع ومقترحات القوانين التي تُحال على اللجان مع طلب إستعجال النظر.
• تعديل القانون 52 مطروح بجديّة ومن المفترض ان تكون لجنة التشريع العام التي تترأسها اللجنة التي ستناقش مقترحات التعديل، ما رأيك الشخصي كرئيس اللجنة في الموضوع خاصة بالنسبة للمستهلكين ؟
رأيي الشخصي يتمثّل في كون القانون 52 قانون قمعي بإمتياز، حيث ينص على عقوبات لمواطن إستهلك مخدّر كالقنب الهندي ولا يوجد متضرّر رفع شكاية ضدّه وانا حقيقة لا أفهم تدخّل الدولة في الموضوع فالمنطق يقول ان كانت تعاقب وتسلب حرية من يستهلك القنب الهندي لإلحاقه الضرر بنفسه فلما لا تعاقب وتسجن كذلك من يدخّن أو يتعاطى الخمر بأعتبارهما مضرّان بالصحة كذلك، وهنا اريد ان اشير الى ان عديد الجهات الصحية العالمية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية تؤكّد ان القنب الهندي غير مضرّ بالصحة.
من جهة اخرى لو كان منطق مكافحة المخدّرات عبر العقوبة السجنية التي تُسلّط على المستهلكين كان يُطبّق على الحيتان الكبيرة التي تقوم بإدخال القنب الهندي للبلاد لما وجد المستهلكون القنب لإستهلاكه، وبالنسبة لي اتحدى الدولة لو تمسك أحد المروّجين الكبار وهنا لا اتحدّث عن مروج من أبناء الأحياء الشعبية بل الحيتان الكبيرة التي تُقوم بإدخال آلاف الأطنان من القنب. وهنا اريد ان اشير كمحامي الى انه حين يقع القبض على مستهلك يُستجوب عن الطرف الذي إقتنى منه القنب وهو بطبيعة الحال سيكون مروج صغير من أبناء الأحياء الشعبية وحين يقع القبض عليه لا يُسأل من طرف قاضي التحقيق عن الطرف الذي إشترى منه لمواصلة الكشف عن السلسلة بلوغ الحوت الكبيرة الذي سيكون في غالب الأحيان جهة نافذة في الدولة...وهنا يكمن تواطئ الدولة في موضوع القنب الهندي.
المهم انا مع إلغاء العقوبة السجنيّة كلّيا في قضايا إستهلاك القنب الهندي، وبصفة عامة انا كحقوقي ومحامي ضد العقوبة السجنيّة في أغلب الحالات.
• بمعنى ان سياسة الدولة في مكافحة المخدرات أو القنب الهندي هي إستهداف الحلقة الأضعف في تواطئ مع الجهات النافذة المسؤولة عن وجود المخدرات في البلاد ؟
سياسة الدولة في كل الملفات عبر استهداف الحلقة الأضعف، ففي التجارة مثلا مراقبو الفرق الإقتصادية يسلطون عقوبات على بائع صغير بالتفصيل يبيع بسعر أرفع من المحدّد بـ20 أو 30 ملّيم فيما يحظى اصحاب المخازن الكبيرة من المحتركين بحماية الدولة وحتى في حال المداهمات فهي تندرج في إطار التمويه حيث يقع إعلامهم مسبّقا بمداهمة مخازنهم، وهي نفس الوضعية بالنسبة للمخدّرات فالحيتان الكبيرة تُدخل آلاف الأطنان وتجمع ثروات طائلة بحماية الدولة فيما يقع التنكيل بالمستهلكين والمروّجين الصغار.