قبل تهيئة الترسانة التشريعية بالنسبة لتفعيل الباب 7 من الدستور المتعلق باللامركزية وإجراء الانتخابات البلدية، من خلال المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية. لجنة تنظيم الإدارة شارفت على إنهاء المصادقة، بعد استكمال الفصول والعودة إلى النقاط الخلافية وبعض الفصول المؤجلة.
نشرت «المغرب» في عددها الصادر 27 ديسمبر 2017 كافة الفصول الخلافية والفصول المؤجلة، حول مشروع مجلة الجماعات المحلية، وقد انطلقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح مع بداية هذا الأسبوع في مناقشة هذه الفصول، على أن يتم في ما بعد إضافة قانون الإصدار مع مشروع المجلة. مشروع مجلة الجماعات المحلية قد يرى النور خلال هذا الأسبوع لينتهي تدريجيا إلى الجلسة العامة من أجل المصادقة عليه برمته بداية من شهر مارس، بعدما كان حبيس اللجنة منذ 13 جوان 2017، بالرغم من إحالته من قبل وزارة الشؤون المحلية والبيئة إلى مجلس نواب الشعب منذ 5 ماي 2017. وبعد عقد 64 اجتماعا بمدة عمل قدرت بـ 188 ساعة، شارفت اللجنة على إنهاء المصادقة على مشروع القانون برمته.
الفصول المؤجلة والخلافية
لجنة تنظيم الإدارة عملت تحت ضغوطات كبيرة من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المطالبة بضرورة المصادقة على المجلة برمتها، قبل انطلاق مرحلة الحملات الانتخابية للاستحقاق البلدي. حيث عقدت اللجنة جلسات متتالية صباحية ومسائية، من أجل الإيفاء بتعهد رئاسة المجلس بالمصادقة عل المجلة في الآجال المحددة. وتتمثل الفصول الخلافية والمؤجلة في الفصول عدد 6، 7، 13 ومن 28 إلى 34 و37 و38 و49، 62، 152، 193، 212، 218، 234، 255، 296، 306، 314، 317، 330، 337، 361.
الفصول الخلافية مثلما كان متوقعا حتى قبل مناقشة مشروع المجلة، انحصرت بالأساس في الفصول المتعلقة بمسألة تفرغ رئيس البلدية وكيفية اختيار المساعد الأول والثاني لرئيس البلدية، والمتعلق بصلاحيات الجماعات المحلية، وأيضا تركيبة المجالس. لكن من الواضح أن الفصول الخلافية ليست وحدها التي تمثل إشكالا لمرور مشروع القانون إلى الجلسة العامة، فقد تم تأجيل النظر في عديد الفصول باعتبار ارتباطها بالفصول الخلافية التي لا يمكن الحسم فيها إلا بعد التوافق على الفصول التي سبقتها. ومن بينها باب كامل يتعلق بالديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة وحول المجلس الأعلى للجماعات المحلية وأيضا كيفية التصرف في الملك العمومي، وأيضا المنح والرواتب والتأجير، بالإضافة إلى كيفية حل المجلس البلدي والمجلس الجهوي والهيئة الاستشارية التابعة للجماعات المحلية. ومن الفصول المؤجلة أيضا تركيبة المجالس البلدية والجهوية وتقسيم المهام بين الأعضاء المنتخبين، وفي علاقة رئيس البلدية ورئيس الجهة بالوالي والنظام الداخلي للمجلس الجهوي.
انطلاق الحسم في الفصول الخلافية
اللجنة انطلقت بأولى الفصول الخلافية أي الفصل 6 المتعلق بالتفرغ، حيث تم التصويت بصعوبة تقريبا وهو ما يؤكد اختلاف الآراء بين أعضاء اللجنة بـ 6 مع، 5 ضد و1 محتفظ، وكان صوت رئيس اللجنة مرجحا. التصويت نص على حذف الفقرة الثانية التي تنص على أنه يمكن للجماعات المحلية التي لا يتجاوز عدد سكانها 30 ألف ساكن البت في تفرغ رئيس المجلس من عدمه، وبذلك يتجه الفصل نحو اعتماد مقترح تعميم واجب التفرغ بأغلبية الحاضرين. أما الفصل 7 المتعلق بالتناصف بين الجنسين باستثناء حالات الاستحالة، فيكون الرئيس والمساعد الأول من جنسين مختلفين، وتكون سن المساعد الثاني أقل من خمس وثلاثين سنة، فقد تمت المصادقة عليه بصيغته الأصلية باعتبار أن التناصف وتمثيلية الشباب مبدأ دستوري لا يجب التراجع عنه.
في المقابل، انحصر النقاش بخصوص الفصل 13 الخلافي في حدود الفقرة الثالثة المتعلقة بالصلاحيات الذاتية للجماعات المحلية، حيث تمت المصادقة على مقترح يتعلق بالإحالة إلى الشروط والإجراءات التي يتم تحديدها في الأحكام الخاصة «تستأثر كل جماعة محلية بما يرجع لها من الصلاحيات الذاتية مع مراعاة الحالات الخاصة المنصوص عليها بهذا القانون. يمكن للسلطة المركزية ممارسة الصلاحيات الذاتية بطلب من الجماعة المحلية المعنية. لجماعتين محليتين أو أكثر أن تقررا ممارسة جانب من صلاحياتها الذاتية بصفة مشتركة. يمكن لممثل السلطة المركزية استثنائيا مباشرة صلاحيات ذاتية للجماعة المحلية حسب الإجراءات والشروط التي تنص عليها أحكام هذه المجلة».
كما ناقش النواب المصطلحات الواردة بالفصل 28، وخاصة مصطلح المتساكنين، هذا المصطلح الذي طرح إشكالا دستوريا لأن الفصل 139 من الدستور يتحدث عن المواطنين، لا المتساكنين، خاصة وأن هذا المصطلح يفتح الباب أمام مشاركة الأجانب، لكن في الأخير تم التصويت على لفظ «المتساكنين» بالأغلبية.شارفت لجنة تنظيم الادارة خلال ساعة متاخرة من يوم ليلة امس على انهاء الفصول الخلافية ليتبقى امامها سواء العمل على مراجعة الفصول المؤجلة والانتقالية والاضافية ثم العمل على مراجعة كافة الفصول من أجل ملائمتها بين بعضها.
العودة إلى الفصول المؤجلة
وفي جلسة يوم أمس، تمت مناقشة الفصول المؤجلة من 29 إلى 34، حول التشاركية والحوكمة المفتوحة، بالإضافة إلى الفصلين 37 و38 المتعلقين التعاون باللامركزي. كما تطرق أعضاء اللجنة إلى الفصل الخلافي 41، حيث اختلف النواب بين من يرى أنه يمكن إيداع الجريدة الرسمية بمقر المجلس الأعلى للجماعات المحلية الذي يجب أن يكون، وفقا للدستور، خارج العاصمة، وبين من يرى أنه تغيير إيداع الجريدة بمقر ولاية تونس العاصمة يجب أن يتم من خلال تنقيح قانون سنة 1993 المتعلق بإجراءات النشر. كما تمت مناقشة الفصل 193 المتعلق بحل الجماعات المحلية وكيفية التعامل مع الجهات المخصصة لها بطلب الحل أو الإعفاء. هذا وتمت مناقشة الفصول عدد 42 و45 و49 و152 و62 و193 و212 و218 و234.
التحدي في الجلسة العامة
التحدي الثاني من أجل المصادقة على مشروع المجلة يكمن بالأساس صلب الجلسة العامة، التي ستعيد مناقشة أكثر من 363 فصلا فسهولة النقاش حول الفصول الخلافية لا يعني ضرورة أن الكتل متوافقة وإنما لتسهيل التمرير إلى الجلسة من أجل إعادة طرح نفس الخلافات، مثلما جرت العادة أو المتعارف عليه خلال المصادقة على الفصول أن يعاد النقاش من جديد بخصوص الفصول الخلافية سواء من خلال تقديم مقترحات التعديل التي يبدو أنها ستتكاثف حسب الكتل البرلمانية، وهو ما يجبرها على التوافق في ما بينها، مع تشريك جهة المبادرة التي قد تقدم بدورها بعض التعديلات. كلّ هذه العوامل قد تعطل نوعا ما المصادقة على مشروع المجلة أو تؤجلها عن موعدها، دون احتساب آجال الطعون بعد المصادقة وقبل أن يدخل المشروع حيز النفاذ ونشره في الرائد الرسمي.