واصلت لجنة التشريع العام يوم أمس سلسلة جلسات استماعها بخصوص مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام، حيث استمعت إلى كل من رؤساء هيئة مكافحة الفساد ودائرة المحاسبات ولجنة التحاليل المالية بحضور محافظ البنك المركزي والقطب القضائي الاقتصادي والمالي. أغلب التدخلات طالبت بضرورة توسيع دائرة الأشخاص المشمولين بالتصريح على المكاسب.
توسيع دائرة الأشخاص المعنيين
الجلسة الصباحية خصصت للاستماع إلى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، والقاضي الإداري السابق أحمد صواب من أجل تقديم موقفهما من مشروع القانون. وبين الطبيب أن هناك العديد من الأوامر التي لم تصدر إلى حد الآن من بينها مراسيم تتعلق بعمل الهيئة، والأمر التطبيقي المتعلق بتسمية جهاز التقصي للهيئة، على غرار الأوامر التطبيقية لحماية المبلغين. كما أضاف أنه يجب توسيع قائمة المشمولين بالتصاريح كإضافة الأحزاب والجمعيات باعتبارهم يتحصلون على التمويل العمومي، مشيرا إلى أن مسألة الهدايا يجب حصرها في قيمتها المالية، مبينا أنه يجب الترفيع في العقوبات. في حين اعتبر أحمد صواب أنه يجب الاعتماد على المفعول الرجعي للقانون، حتى يكون ناجعا بالإضافة إلى إدراج القضاء ضمن الأشخاص المشمولين بالتصاريح.
في الجزء الثاني من أعمال جلسة الاستماع تم الاستماع إلى ممثلين عن دائرة المحاسبات، الذين أكدوا أن الدائرة ساهمت في إعداد مشروع القانون، إلا أنه لم يتم التعريف بالمكاسب في مشروع القانون وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول المكاسب التي يجب التصريح بها أو لا. كما بينوا أن هناك تضاربا بين الفصول خصوصا في ما يتعلق بتصريح القرين بالمكاسب، بالإضافة إلى ضرورة التقليص من الوثائق الإدارية من أجل تسهيل عمليات التصريح. ممثلو دائرة المحاسبات تطرقوا إلى فصول مشروع القانون فصلا فصلا من أجل تحليلها وتفسيرها حسب مقترحاتهم المقدمة في نفس الوقت.
دور لجنة التحاليل المالية
وفي الجلسة المسائية تم الاستماع إلى الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي فيتحدث عن دور لجنة التحاليل المالية، حيث بين بدوره أن البنك المركزي يتعقب يوميا عمليات الإثراء غير الشرعي. كما أوضح العياري أن البنك أعد بحثا حول عديد القطاعات المهنية والشركات وهو ما سيؤكد وجود عديد الأموال المشبوهة. كما قام البنك بدراسة ميدانية استغرقت سنتين تم توزيعها على رئاستي الحكومة والجمهورية، حيث تبين وجود نقاط ضعف في رقابة الأموال المتأتية والمسحوبة. وبين أنه يجب العمل على التقصي في الأموال المشبوهة، حيث سيساعد مشروع القانون المذكور في القضاء على الفساد والإثراء غير الشرعي، باعتباره سيفتح مجال تطبيقه على شريحة هامة من المجتمع. لكن في المقابل، تساءل العياري عن معايير الأشخاص المعنيين بهذا القانون، ومن هي الجهة المخول لها تحديد قائمة الأشخاص المعنيين، بالإضافة إلى دور البنوك في عمليات التبليغ
النقاش العام بين أعضاء اللجنة انحصر بالأساس في أهمية عمل الهيئة التي ستسهر على تنفيذ مشروع القانون على أرض الواقع، في مراقبة التصاريح وكل ما ينتفع بالتمويل العمومي حتى في علاقة بالقطاع الخاص. وقد طالبت اللجنة من كافة الجهات التي تم الاستماع إليهما بضرورة مدها بمقترحات تعديل مكتوبة قبل يوم الاثنين المقبل.
وفي الأخير استمعت اللجنة إلى ممثلين عن القطب القضائي الاقتصادي والمالي الذين ثمنوا مشروع القانون باعتبار أنه سيساعدهم في أعمالهم من أجل تقصي الحقائق والحصول على المعلومات الضرورية، بالاضافة إلى أنه سيساهم في تخفيف الضغط عليهم في ما يتعلق بالقضايا المالية والاقتصادية.
في المقابل، انتقدت منظمة أنا يقظ عدم الاستماع إلى منظمات المجتمع المدني بخصوص مشروع القانون، حيث اعتبرت المنظمة أن رئيس اللجنة الطيب المدني قد أكد أن اللجنة ستنظر في هذا المشروع خلال ثلاثة أيام ونصف فقط، علما وأنه يحتوي على أكثر من خمسين فصلا، وذلك بطلب من رئيس مجلس النواب محمد الناصر. واعتبرت المنظمة أنه من غير
الممكن مناقشة وتعديل ما يزيد عن خمسين فصلا في ثلاثة أيام ونصف، نظرا للتعقيدات القانونية والتقنية التي يحتويها هذا المشروع، بالاضافة إلى أن الدستور في فصله 64 قد نص على أنه «لا يعرض مشروع القانون الأساسي على مداولة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب إلّا بعد مضي خمسة عشر يوما من احالته على اللجنة المختصة».
كما يجدر التذكير بالمجهود الذي بذلته منظمات المجتمع المدني في العمل على مختلف مشاريع القوانين على غرار قانون النفاذ إلى المعلومة وقانون حماية المبلغين. وقد مثلت جلسات الاستماع السابقة فرصة للتفاعل الإيجابي بين النواب والمجتمع المدني مما أدى إلى مزيد تحسين القوانين ومطابقتها للمعايير الدولية. لذلك ترجو منظمة أنا يقظ أن تكون هذه الدورة البرلمانية أكثر انفتاحا على المجتمع المدني لضمان مبدأ التشاركية والتعاون بين السلطة التشريعية والمجتمع المدني.
مناقشة الميزان الاقتصادي
من جهتها، استمعت لجنة المالية والتخطيط والتنمية يوم أمس إلى وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري حول الميزان الاقتصادي لسنة 2018، فسّر خلالها الاستراتيجيات الاقتصادية للبلاد، مشددا في نفس الوقت على أهم مميزات هذا الميزان الاقتصادي من خلال العمل على مزيد تحفيز النمو الاقتصادي بجعله مبنيا على المؤسسات والقطاعات المنتجة. وقال العذاري أن تطوّر الوضع الإقتصادي يكون عبر تطوّر إنتاج الفسفاط وارتفاع النشاط السياحي وتطوّر واردات المواد الطاقيّة، بالرغم من التخوف من تراجع إنتاج المحروقات وتواصل تراجع الدينار إضافة إلى تراجع إيداع المواطنين بالخارج. كما اوضح أن هناك بوادر بروز تضخم، حيث تواصل الضغوط على الماليّة العموميّة خاصّة بسبب الارتفاع الملحوظ لكتلة الأجور، إلى جانب ضغوطات إضافيّة على مؤشّر الأسعار عند الاستهلاك. وفي هذا الإطار، أقرت الحكومة برنامجا إصلاحيا جديدا ضمنه إصلاح المؤسسات وهو من شأنه أن يحسن من نسق النّمو الاقتصادي. كما أبرز الوزير التحديات المنتظرة التي تتمثل أساسا في ضمان استدامة توازنات الماليّة العموميّة، واستعادة متواصلة و استدامة نسق الإنتاج في كامل القطاعات، مع ضمان التوظيف الأمثل للإطار المؤسساتي الجديد للاستثمار رفقة تكثيف الجهود لمزيد دفع التّصدير، على غرار أهميّة التّحكّم في نسب التّضخّم خاصّة في ظلّ ضعف نسبة النّموّ.
كما واصلت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح لليوم الثاني على التوالي مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية، بعدما بلغت أول أمس الفصل 78 .