من خلال تقديم مقترحات التعديل التي تم إدخالها صلب اللجنة.
واعتبرت لجنة التشريع العام أن المشروع المعروض مخالف في أغلب فصوله مع أحكام الدستور المتعلقة بإحداث المجلس الأعلى للقضاء خصوصا في الفصول المتعلقة بالتركيبة وبهياكله. حيث أن الفصل 112 من الدستور في فقرته الأولى ينص على أن المجلس القضائي يتكون من 4 هياكل تتمثل في مجلس القضاء العدلي، ثم مجلس القضاء الإداري، ومجلس القضاء المالي، والجلسة العامة للمجالس القضائية الثلاثة المذكورة. في المقابل جاء في نص مشروع القانون ضرورة إحداث هياكل أخرى على غرار الأربعة هياكل كما ورد في الفصل 66 من المشروع.
لجنة التشريع العام تطالب برفض مشروع القانوناشترك في المغرب إبتداء من 20 د
وفي هذا الإطار، أجمع أعضاء اللجنة على رفض مشروع القانون وذلك استنادا للفصل 125 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يخول للجنة رفض مشروع القانون، وتبقى للجلسة العامة مطلق الصلاحية لقبول مناقشة فصول المشروع من عدمها.
وقبل الانطلاق في تلاوة فصول مشروع القانون على أنظار الجلسة العامة، طالب مكتب لجنة التشريع العام بالتصويت على رفض مشروع القانون. وبعد الانتهاء من تلاوة التقرير وكافة فصول مشروع القانون صوّت نواب الشعب مع مبدإ مناقشة المشروع بـ 142 نعم لإعطاء الكلمة لرؤساء الكتل البرلمانية لإبداء رأيهم.
ويذكر أن مكتب المجلس المنعقد يوم 7 مارس الفارط، كلف لجنة التشريع العام النظر مجددا في مشروع القانون المذكور في صيغته الواردة من الحكومة بتاريخ 12 مارس 2015، وهو ما جعل اللجنة تتخذ قرار رفض المشروع في جلسة عمل يوم 12 مارس بهدف إعطاء فرصة للحكومة لتقديم صيغة جديدة للمشروع تتماشى مع متطلبات الدستور وكذلك بالاستئناس بقرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
النقاش العام بخصوص مشروع القانون، انحصر بالأساس حول مراحل مشروع القانون من الحكومة إلى اللجنة ومراحل الطعن فيه. حيث أكد الحبيب خضر عن حركة النهضة أن المشروع جاء من قبل الحكومة في البداية بشيء من التأخير، لكن المجلس تدارك الأمر وصادق على المشروع ثم تولى الطعن فيه لتعدل اللجنة مرة أخرى في مشروع القانون. وبين أن اللجنة اجتهدت لتطوير المشروع بما يخدم استقلال القضاء احتراما لسلطة المجلس في ممارسة دوره التشريعي بالآليات التي قررها الدستور.
واعتبر أن الجلسة العامة لها الحق في تعديل ما تراه مناسبا بهدف التسريع في إرساء المجلس الأعلى للقضاء المرتبط أساسا بتركيز المحكمة الدستورية، داعيا إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية والقطاعية لبناء دولة القانون.
المجلس الأعلى للقضاء وحده لا يكفياشترك في المغرب إبتداء من 20 د
من جهة أخرى، تطرقت بقية التدخلات إلى أهمية المجلس الأعلى للقضاء مع التنصيص على أهمية العمل وتطوير القطاع القضائي على جميع المستويات. وبين محمد الفاضل بن عمران رئيس كتلة حركة نداء تونس أن هذا القانون طال انتظاره، مشيرا إلى أنه يجب إعطاء أهمية كبرى للمشروع باعتباره يكرس استقلالية القضاء. وطالب من وزير العدل بتطوير المرفق القضائي على مستوى المحاكم الذي يشهد وضعا كارثيا من خلال أداء زيارات ميدانية، حيث من الضروري توفير مناخ ملائم لعمل القضاة.
من جانبه، اعتبر صلاح البرقاوي عن كتلة الحرة أن دور المجلس في إرساء المجلس الأعلى للقضاء لضمان استقلالية القضاء التي ليست من اختصاص فئة معينة بل هي مسألة شأن عام. وأضاف أن أي النصوص القانونية وحدها غير كافية على تحقيق الغايات المرجوة، ويجب أن يتم كذلك إصلاح المرفق ككل على جميع المستويات من خلال إصلاح طريقة انتداب القضاة، ثم التنصيص على الكفاءة الأخلاقية قبل كل شيء قبل دخول رجال القضاء إلى المحاكم. وطالب بضرورة اعتماد المعايير الدولية في إرساء المؤسسات القضائية من خلال الاستئناس بالتجارب العالمية على غرار ألمانيا وبريطانيا على مستوى التكوين والتأطير حيث من الضروري أن لا يكون تحت طائلة سلطة معينة.
«من الضروري المصادقة على مشروع القانون»
تدخلات ممثلي الكتل البرلمانية، أكدت على ضرورة الانتهاء من معضلة مشروع القانون الذي طال انتظاره، وقال نور الدين عاشور عن الاتحاد الوطني الحر أن البلاد تعيش عديد الصعوبات على مستوى مكافحة الإرهاب، حيث أن القضاء له دور هام في هذه المعضلة. واعتبر أن المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء يعتبران من بين أهم التحديات باعتبار أنه بدونها ستبقى الهيئة الوقتية للقضاء العدلي هيئة دائمة، ولا يمكن تركيز المحكمة الدستورية باعتبار أن المجلس القضائي له الحق في تعيين أعضاء المحكمة. وأوضح عاشور أن اللجنة صادرت حق الجلسة العامة في الاطلاع على القانون الأصلي للحكومة، وهو ما جعل الهيئة الوقتية تطعن في مشروع القانون وتعتبر أن اللجنة غيرت من ملامح المشروع، مشيرا إلى أن المجلس لا يقبل الإملاء من أحد. وعلى إثر ذلك تناقش الجلسة العامة المشروع الأصلي.
من جهته، أكد مراد الحمايدي عن الجبهة الشعبية أن مجلس نواب الشعب يجب أن يعطي المثال في احترام الدستور والمؤسسات والقوانين، وهو ما جعل الجلسة تناقش المشروع حسب قرار الهيئة الوقتية، آملا في ذلك أن التعديلات المنتظر إدخالها تتماشى مع متطلبات استقلال السلطة القضائية في إطار التوازن بين السلط، وإقامة العدل والمساواة بين الجميع والقطع مع الممارسات القديمة للقضاء تتماشى مع المسار الثوري. كما أوضح كريم الهلالي نائب رئيس كتلة آفاق تونس أنه مرت أكثر من سنة منذ أودعت الحكومة مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء، وإلى حد الآن لم تتم المصادقة عليه، مشيرا إلى أنه يمثل أول امتحان جدي للمجلس لاختبار الإرادة السياسية لتكريس قضاء مستقل.
المصادقة على فصول القانون في ظل التوافقاشترك في المغرب إبتداء من 20 د
في المقابل، اقتصرت كلمة وزير العدل عمر منصور في إجابته على تساؤلات النواب على مراحل إعداد وصياغة مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء، وذلك بعد الاستماع إلى كافة الأطراف المتداخلة في القطاع القضائي. واعتبر أن المشروع المعروض يبقى قابلا للتطوير وملاءمته مع قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
وبعد انتهاء النقاش العام، انطلقت الجلسة العامة في مناقشة فصول مشروع القانون فصلا فصلا والمصادقة عليها، وذلك من خلال تبني التعديلات التي أدخلتها لجنة التشريع العام على الصيغة الأولى في شكل مقترحات تعديل. وقد عرف سير أعمال الجلسة العامة توافقا لم يسبق في مناقشة مشاريع القوانين من الحجم الثقيل. وقد تواصلت الجلسة العامة إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس حيث من المنتظر أن تصادق الجلسة العامة على مشروع القانون برمته وبذلك تنتهي معضلة المجلس الأعلى للقضاء.