الفرقة المركزية الأولى للحرس الوطني بالعوينة الأبحاث، في انتظار أن يتمّ سماع كافة المعنيين بالأمر.
أكّد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب المساعد الأول لوكيل الجمهورية سفيان السليطي بانّ القطب القضائي الاقتصادي والمالي قد قام بفتح تحقيق في شبهة فساد مالي قد تكون طالت الأدوية إلى تمّ بواسطتها حقن الرضع مما أدى الى وفاتهم بمستشفى الرابطة.
«الاستماع إلى كافة المعنيين بالامر»
عهد قاضي التحقيق للفرقة المركزية الأولى لحرس العوينة بمباشرة الأبحاث. وأوضح مصدرنا أن النيابة فتحت تحقيقا في واقعة الحال طبقا لأحكام الفصل 2015 من المجلة الجزائية والذي ينصّ صراحة على أنّ «الإنسان الذي بدون قصد القتل يتعمد إعطاء غيره موادا ويتعمد مباشرات أو عمليات توثر له مرضا أو عجزا عن الخدمة يستوجب العقوبات المقرّرة للضرب والجرح حسب الفروق المقرّرة بالفصلين 218 – 219 من هذا القانون. ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن ذلك الـموت».
وشدد السليطي في تصريح لـ«المغرب» على انّ الأبحاث ستشمل كافة الأطراف المعنية خلال المراحل التي تمرّ بها الأدوية المذكورة من الاقتناء والتزويد الى حدّ وصولها الى المتضرر، مشيرا في السياق نفسه الى ان الفرقة المركزية بالعوينة ستتولى، بالتنسيق مع النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، الاستماع الى كل الأطراف المعنية بالأمر في ملف الحال.
من جهة أخرى فقد أكد محدّثنا بان قاضي التحقيق وممثل النيابة العمومية قد تحولا السبت الفارط الى مستشفى الرابطة، حيث قاما بمعاينة جثث بعض الأطفال، كما تمكنا من حجز بعض المواد وغلق إحدى الغرف على ذمة قاضي التحقيق.
ضرورة الالتجاء الى المحكمة الادارية
من جهته فقد دعا رئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي عائلات الرضّع الى ضرورة اللجوء للمحكمة الإدارية بتونس لطلب التعويض عن الضرر المعنوي الذي لحقها باعتبار أنّ النزاع يندرج في مادة المسؤولية الإدارية، وبإمكان مكتب الإعانة القضائية بالمحكمة تعيين محامي لدى الاستئناف أو التعقيب لإنابتهم دون خلاص الأتعاب وذلك بعد تقديم مطلب في الغرض باسم رئيس المكتب المذكور.
واكّد بان القضية يجب أن ترفع مباشرة ضد مستشفى الرابطة في شخص ممثله القانوني وليس ضد المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة الصحة حسب فقه القضاء الجديد للجلسة العامة القضائية بالمحكمة الإدارية. ويجب أن تكون لكل عائلة قضية خاصة بها وليس كل العائلات في قضية واحدة على حدّ تعبيره.
وأوضح الهلالي ان رفع القضايا أمام المحكمة الإدارية لا يحول دون التتبعات الجزائية والتأديبية التي يتعين على الدولة القيام بها.
واعتبر انّ مبادرة عدد من المحامين بالتطوع لإنابة العائلات مجانا خطوة ايجابية وهامّة في مثل هذه الظروف.
في تجاهل تقرير محكمة المحاسبات
من جهتها فقد اكدت رئيسة اتحاد قضاة محكمة المحاسبات فاطمة قرط بانه قد سبق وأن نبّه تقرير محكمة المحاسبات عدد 31 الى تدنّي منظومة حفظ الصحة وتداعيّاتها الخطيرة على الخدمات المسداة في مستشفى «عزيزة عثمانة» بالإضافة الى اخلالات في سلسلة التّعقيم بالمستشفى ممّا ساهم في ارتفاع نسبة التعفّنات الإستشفائيّة وارتفاع عدد الوفايات نتيجة «choc septique» فضلا عن تخزين النفايات الاستشفائية في دورات المياه الخاصة بالمرضى و تعطل أنظمة تنقية الهواء و تقاطع مسالك النفايات مع مسالك الأكل.
وأضافت «عوض العمل على الإصلاح ومتابعة التّقرير وتعميم نتائجه على كافّة المستشفيات العموميّة، فقد تولّى المسؤول الأوّل، الوزير السّابق للصحّة، التّصريح بأنّ التقرير لم يعط الحقيقة وبعدم صحّة ما ورد بالتقرير واتّهم قضاة محكمة المحاسبات بالتلاعب بالتقرير».
وشددت على ان ما حصل من كارثة لا يتحمّل الوزير مسؤوليّتها المباشرة، لكن سلبيّته في التّعامل جديّا مع مخرجات أعمال القضاة الماليّين ساهم بطريقة أو بأخرى في ما آلت إليه الأوضاع من فواجع آلّمت لا فقط أمّهات الأطفال الرضّع بل مسّت البلاد بأكملها.
وشددت على انه «بات من الضروري حاليا إياء تقارير محكمة المحاسبات الأهميّة والأولويّة اللاّزمة لتجاوز تواتر الإخلالات، مشيرة الى انّ عدم اتّخاذ الإجراءات الكفيلة برفع الإخلالات المسجّلة من قبل محكمة المحاسبات هو الفساد بعينه وهو ما يستوجب المساءلة والتتبّع قضائيّا، لم لا يتمّ تنقيح الفصل المتعلّق بزجر أخطاء التصرّف في هذا الشأن؟»
«كشف الملابسات وتحديد المسؤوليات»
اعتبرت جمعية القضاة التونسيين ان واقعة وفاة 11 رضيعا بمركز التوليد وطب الرضع بمستشفى الرابطة خلال يومي 07 و 08 مارس2019 انتهاك صارخ لأبسط حقوق الانسان وخاصة منها الحق في الحياة والحق في السلامة الصحية والكرامة الانسانية المكفولة بالدستور وبالمواثيق الدولية.
ودعت سلطة الإشراف إلى الإحاطة النفسية بعائلات الرضع المتوفين وتسخير أخصائيين للتواصل معهم لمساعدتهم على تجاوز الظروف الصعبة التي يمرّون بها فيما يستلزم ذلك من وقت وعناية ورعاية.
وشددت على ضرورة كشف كل ملابسات هذه الفاجعة وتحديد المسؤوليات بدقة وتحميلها لكل من ثبت تورطه في حصولها بأي شكل من الأشكال بالنجاعة والسرعة اللازمتين ضمانا لعدم تكرار هذه الحوادث المضرة ضررا فادحا بالحقوق الأساسية لطالبي الخدمات الصحية وبحياة التونسيين وحياة أبنائهم .