ما أتته عضو مجلس نواب الشعب، لا يدينها بمفردها، حتي وان تدخّل نائب رئيس مجلس نواب الشعب عبد الفتاح مورو ليشير للخطأ ويطالب بعدم تكراره، بل يذين جزءا من الطبقة السياسية. لانها تشترك معها ذات الثقافة التي تستبطن «احتقار» من هو في خارج سرب «الأغلبية».
أغلبية تعتقد بأنها تمتاز عن غيرها وانها متفوقة تتميز بفروقً وعناصر موروثة بطبائع الناس لانتمائهم لجماعة أو لعرق لتبرر معاملة الأفراد الخارجين عن جماعة الأغلبية بشكل مختلف اجتماعيا وقانونيا هي عماد سياسة إقصائية وتهميشية تميز بين التونسيين.
فما قالته أسماء أبو الهناء ليس سوى كشف لحقيقة ما يختمر وعقلها الباطن من «ازدراء» للتونسيين من أتباع الديانة اليهودية، ويبدو انه ليس حكرا عليهم فقط. بل يشمل كل من اختار او وجد نفسه خارج دائرة الصورة النمطية للتونسي.
صورة جعلتها تحشر لفظ «حاشاكم» وهي تناقش فصلا قانونيا ذكر فيه لفظ «اليهود». وما هي إلا عينة من واقع تونسي يغذي بقصد او دونه عملية «التمييز العنصري» بين مواطنيه، بالاستناد للدين والعرق واللون والجنس والميل الجنسي».
لكن ما يجعل قول «النائبة» اشد وطأة ليس كشفها عما يجول بعقلها الباطن بل عدم إيمانها بدستور الثورة الذي جاء بها وببقية الطبقة الحاكمة، وهو دستور حدد في توطئته جملة من المبادئ التي كان يفترض ان يكون من ترشح لموقع سياسي قد تشرب بمبادئه التي تفرض عليهم جملة من القيم الإنسانية.
قيم لا تجعل من التونسيين مصنفين كأغلبية أو أقلية، بل تجعلهم مواطنين كاملي الحقوق والواجبات، قيم لا تجعل الحرية والكرامة «عرجاء» تستثني من هم مختلفون، قيم كان يفترض ان يكون نواب المجلس من دعاتها والمدافعين عنها.
ان الحيف والظلم الذي يسلط على جزء من التونسيين لاختلافهم عن الأغلبية، ليس خديعة إعلامية أو توجيها بل هو واقع يعانيه الآلاف من التونسيين، يعاملهم القانون التونسي على أنهم مواطنون من درجة ثانية، وينظر إليهم بدونية من المجتمع بنخبه وطبقته السياسية، التي تكشف زلات لسانها أنها عنصرية.