الذي يتمسك الدستوري الحر بأن يجعله في مرمى نيرانه نيرانه وأخر الطلقات التي وجهها الدستوري لغريمه الازلي تعلقت بالعلاقات الخارجية وبمضمون تصريحات رئيس مجلس شورى الحركة.
لم تمر الاتفاقيات الخارجية (اتفاقية مع قطر وتركيا) والتي احيلت على مجلس النواب دون ان يصدر الدستوري الحر بلاغا شديد اللهجة يتهم فيه حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بصفته رئيسا للبرلمان، بالعمل على ابرام صفقات «تحت الطاولة» مضمونها رفض التدخل الخارجي في ليبيا وتشكيل قاعدة لوجيستية في الاراضي التونسية لصالح دول تتدخل في ليبيا.
بلاغ عقبته تصريحات صحفية لرئيسة الدستوري الحر عبير موسي التي شددت على رفض حزبها وكتلتها ، لما يأتيه رئيس مجلس النواب من سعي لجعل البرلمان تابعا لحركته في تنفيذ اجندات خارجية، وانه شكل تحالفا برلمانيا يضمن من خلاله تمرير اي اتفاقيات تخدم صالح النهضة.
لتشدد موسي ان حركتها لا تعارض الدولة التونسية كما يريد البعض تقديمها وانما تعارض توظيف الدولة لصالح جهات سياسية مصطفة في محاور، وهو ما يجعلها تدافع على أنه ليست لدينا ايّة مشاكل مع العودة للثوابت الديبلوماسية «على نهج السياسة البورقيبية» والتي تقوم بالاساس على عدم التدخل في الشان الداخلي للدول ولا الاصطفاف في محاور والاهم عدم الفتريط في السيادة على الاراضي التونسية.
النهضة التي تعتبرها موسي تهدد ثوابت السياسية الخارجية التونسية وانها طوعت الدبلوماسية لتكون في خدمة حركة الاخوان، صفة تحافظ على ذكرها رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في كل مناسبة لوصم حركة النهضة، دون الاغفال عن ارفاق هذه الصفة بتذكير صريح او مبطن لاحداث عنف تورطت فيها النهضة او تتهم بها.
اتهامات الدستوري الحر للنهضة، تحرص على الابقاء على ثنائية الاستقطاب في المشهد السياسي التونسي، وهذه الثنائية تثار مع كل ملف او تصريح لاي طرف، وحركة النهضة بدورها باتت جزءا من تغذية هذا الاستقطاب، باشارات مبطنة او صريحة كذلك. اذ يبدو ان الطرفين باتا بشكل غير صريح «متلازمين» وكل منهما بات يمثل شرط تمدد الاخر.
فالنهضة التي تعتبر الدستوري الحر «اقصائي» ولا يؤمن بالديمقراطية ويشجع على خطاب عنف و«دموي وفق تلميحات عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى الذي تتهمه عبير موسي بالتحريض على «حرب أهلية»، وهو ما فهمته من تصريحاته التي قالت انها «تهديد مبطّن للمعارضة» امال الصمت او الاقتتال الاهلي. وهو ما ترفضه رئيسة الدستوري الحر وتعتبره دعوة للفوضى التي يناهضها حزبها ويرفض الوقوع فيها او في العنف.
تهديد تشدد موسي انه صادر عن «الاخوان» الذين تقدم خلافها معهم على انه خلاف «قانوني ومبدئي ويُعاقب ويحافظ على الفصل الأوّل من الدستور الذي ينصّ على أنّ تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة « في مواجهة اطراف سياسية تريد تجزئة تونس وتقسيمها ومنح مناطق منها لجهات اجنبية، في اشارة صريحة لحركة النهضة وعلاقتها بكل من تركيا وقطر.
هذا الخطاب السياسي الجديد للدستوري الحر يهدف الى تغذية الاصطفاف ونقله من صراع الاسلاميين والحداثيين الى صراع بين الوطنيين وغير الوطنيين الذين تجسدهم في حركة النهضة بدرجة اقل في رئيس الجمهورية. صراع يراهن الدستوري الحر على ان يحقق به اكثر من مكسب اوله تعزيز حضوره في الاوساط التي تعارض الاسلاميين وثانيها احراج الاطراف السياسية المتحالفة مع النهضة.
اطراف قالت عبير موسى في حضورها امس في برنامج «ميدي شو» بإذاعة موزييك انها على استعداد للتحالف معهم لسحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي كخطوة لتصحيح الأوضاع ومن بين هذه الاطراف قلب تونس وكتلة الاصلاح المطالبين بتصحيح خطئهما المتمثل في التصويت لصالح ترؤس الغنوشي للمجلس في وقت سابق. والاحراج لا يقف عند هذا الحد بل تعمد عبير موسى التشكيك في انتماء قلب تونس للمعارضة والحال انه حليف لحركة النهضة في البرلمان.
هذا الصراع الذي يخوضه الدستوري الحر يبدو انه يبحث عن تعميق الفرز في المشهد السياسي التونسي، واستغلال كل فرصة سانحة لتحقيق توسع لدى القواعد الانتخابية التي تطوف حول محور العائلة الوسطية الدستورية ، التي تمددت في فضائها بخطاب مناهض للنهضة في فترة سابقة ولم تستطع ان تحقق انتشار اوسع فيها وهو ما جعلها تعيد صياغة الرأي ليكون على شعارات وطنية تمهد لتصعيد خطابي بين الطرفين.