الأرض لفهم أبعاد الخيارات واكراهاتها، حجج ستقدم لإقناع 150 عضوا في الشورى بالخيارات المتخذة في الشهر الأخير ومنع رفع «ورقة حمراء» في وجه «الشيخ» ونسف خياراته، هذا ان تم فإنّ استتباعاته لن تقف عند حدود النهضة وهذا ما يحذر منه «التنفيذيون».
انطلقت مساء أمس الجمعة الدورة الخامسة عشرة لمجلس شورى حركة النهضة التي ستمتد الى يوم غد الأحد، دورة حدد جدول أعمالها في نقطتين هما الوضع العام بالبلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وموقف الحركة منه، والثانية متابعة ملف الإصلاح داخل الحركة في إطار تنزيل قرارات المؤتمر العاشر. نقطتان قد تبدو منفصلتين، لكنهما في أشغال هذه الدورة ستكونان متداخلتين.
تداخل يدركه المكتب التنفيذي الذي عقد يوم الخميس الفارط اجتماعا بتركيبته الموسعة) أعضاء المكتب التنفيذي والكتاب العامين الجهويين وأعضاء مكتب الكتلة واعضاء مكتب مجلس الشورى (استعدادا لمجلس الشورى. وناقش ورقة في تقدير الموقف السياسي العام وطنيا واقليميا قدمها نور الدين العرباوي رئيس المكتب السياسي، الذي قدم ذات الورقة في اجتماع مجلس الشورى امس.
ورقة قال عنها سامي الطريقي، عضو المكتب السياسي، انها تتضمن شرحا للخيارات السياسية التي تم اتخاذها من قبل المكتب التنفيذي ورئيس الحركة في الفترة الاخيرة، في إشارة الى قانون المصالحة وسد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتاجيل الانتخابات البلدية، وكيفية التعامل مع حواري رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. وتقديم المقاربة التي اشتغل بها الجهاز التنفيذي وانتهت الى هذه الخيارات. شرح يراد منه وضع اعضاء مجلس الشورى في السياق العام الذي اتخذت فيه الخيارات قبل ان يفتح باب النقاش في الجلسة، بعد تقديم عبد العزيز التميمي، رئيس اللجنة السياسية بمجلس الشورى لورقة تقييمية بدوره تقدم موقف اللجنة وقراءاتها.
خيارات يقر الطريقي، وهو أيضا عضو مجلس شورى، انها لن تكون محل قبول من كل أعضاء الشورى، فالمجلس ينقسم بين من هم مع الموقف السياسي ويتفهمون الخيارات وأسبابها ومن هم ضد الخيارات، لكنه توقع ان ينتهي الأمر الى منطقة وسطى تجمع الطرفين بعد النقاش، قائلا ان بيانات الشورى تتضمن دائما «نعم ولكن» في إشارة إلى إقرار الخيارات لكن مع تقديم توصيات محددة.
لكن الطريقي لم يستبعد ان تحمل الدورة استثناء ومفاجأة برفض الخيارات ومبرراتها، ويعتبر جزء هام من الشورى انه لم يفوض المكتب التنفيذي لاتخاذ هذه الخيارات، في اشارة الى قانون المصالحة بالأساس، وان ما تم هو انحراف عن السياسات العامة التي رسمها الشورى والتي عبر عنها في خيارين، تعزيز المسار الانتقالي في علاقة بالانتخابات المحلية والمصالحة وفق ما لا يتناقض مع الدستور ومقتضيات العدالة الانتقالية في علاقة بقانون المصالحة الإدارية.
لو انتصر الشق المعارض للخيارات واقنع أغلبية الشورى بتصوره للخيارات وتداعياتها وأيضا أقنعهم بأنها انحراف عن التوجهات العامة التي رسمها مجلس الشورى، سيكون المكتب التنفيذي ورئيس الحركة أمام معضلة، رغم قول الطريقي ان رئيس الحركة وخياراته محل اجماع من مؤسساتها. اجماع سيشهد تصدعا بعد خطاب الفريق المعترض على الخيارات، ومنهم عبد اللطيف المكي الذي اعتبر ان الغنوشي بات «مستفردا بالقرار».
الاستفراد بالقرار والإشارة الى حالة التبعية التي باتت عليها الحركة لرئاسة الجمهورية والخوف من فقدان رضاها، هما ورقات بيد المعارضين للخيارات السياسية الأخيرة، وهو ما أشار الطريقي الى وجوده في خطاب المعارضين صلب الحركة، ولكنه بين ان الجهاز التنفيذي اعد نفسه للرد على هذه التهمة من ذلك ان العلاقة بين النهضةو ورئاسة الجمهورية ليست علاقة تبعية او قبول دون ثمن، هي علاقة عقلانية تحركها أهداف ومكاسب.لكن هنا يبين الطريقي ان المكاسب مؤجلة، فالحركة تريد وباي ثمن استكمال مسار الانتقال الديمقراطي، لذلك قبلت بتأجيل الانتخابات البلدية وتعاملت بسلاسة مع حواري رئيس الجمهورية اللذين سيكون لهما صداهما في المجلس.
صدى سيكون أيضا لكلمات أعضاء المكتب التنفيذي وشرحهم لأسباب خيارتهم، حيث يشدد الطريقي وهو احدهم، على ان المحدد في الخيارات هو تجنب أزمة سياسية لا تقدر البلاد على تحمل تداعياتها، وينفي هنا أن يكون الخوف هو ما جعل النهضة تتجه الى القبول بقانون المصالحة وتأجيل الانتخابات. ويشدد الطريقي على ان هذا هو محرك «القيادة التنفيذية».
لكن مقابلهم يقف صف من الحركة يعتبر ان الخيارات الحالية هي اثبات لسياسة الخوف والانبطاح وهو ما يضر بصورة الحركة التي يجب ان تنتفض، باعتبارها اي النهضة هي الحزب الاول الان في البرلمان وهي الطرف السياسي الابرز الداعم للحكومة وهي من تمرر القوانين.
تصور للفريق المعارض يقر الطريقي انه موجود في اجهزة الحركة ورائج بين قيادات منها، لكنه يشدد على ان الماسكين بمقاليد الجهاز التنفيذي لا يعتبرون ان هناك تطورا في الساحة يغير من طبيعة العلاقة بين النهضة وشريكها في الحكم، بل وان الحركة الان ليست في وضع يسمح لها بخلق أزمة سياسية لشريكها.
تصوران سيحسم فيهما الشورى خلال دورته الحالية بشكل كلى او جزئي، لكنه بالاساس سيعدل في النهاية من خيارات الحركة جزئيا، في المرحلة القادمة التي سيكون الشورى عنوان الصراع الابرز بين الجهاز التنفيذي/شق الغنوشي والمعارضين له .