بعد استيفاء النقاشات بينهم خير 57 قياديا ممن استقالوا او جمّدوا عضويتهم في حركة نداء تونس ان يقدموا مبادرة جديدة لإنقاذ الحزب، في خطوة تعيد الامور الى مربعها الاول، حزب تعصف به ازمة تحول دون ان يجمع أبناءه.
فالمبادرة التي تشرح ليلى الشتّاوي في حوار مع «المغرب» تفاصيلها وأهدافها، تقوم بالأساس على اعتبار القيادة التي افرزها مؤتمر سوسة المنعقد في 9 و10 جانفي الفارط، منحلّة ويجب ان تعوض بقيادة جماعية للحزب. تسيره الى حين موعد المؤتمر القادم.
هذا التبسيط لمضمون المبادرة الذي يشرحه اكثر الازهر العكرمي، الممضي على نص المبادرة، بقوله ان المبادرة تاتي لانقاذ الحزب بعد فشل مؤتمر سوسة، وان خطة الانقاذ تنطلق من الغاء نتائج هذا المؤتمر الذي وصفه بلاّ ديمقراطي والفاشل، وعودة الحزب الى ما قبل ازمة الصراع بين شق جربة وبقية الشقوق في الحزب.
هذه المبادرة التي يراهن العكرمي، الذي كان اول المنسحبين من نداء تونس والملتحقين بمحسن مرزوق، على نجاحها بعدة اعتبارات اولها ان الجميع بات يعلم ان الحزب في حالة جمود وان انقاذه يستوجب خطة يقع وضعها من قبل الجميع. وكلمة الجميع في نداء تونس تشمل من ظلّ في الحزب كما تشمل المغادرين.
ومن بين المغادرين المجموعة التي اسست مشروع تونس الحرة، وهؤلاء يؤكّد عبادة الكافي في تصريح لـ»المغرب» انهم غير معنين بالمبادرة، فلهم حزبهم وكتلتهم، دون ان يغلق الباب امام من يريد الالتحاق بمحاولة انقاذ نداء تونس.
قول الكافي جاء ليدحض تطور المشاورات التي قالت المجموعة 57 الموقعة على بيان المبادرة، الذي قال بوجمعة الرميلي، عضو الهيئة السياسية لحركة نداء تونس، انه خطوة ايجابية نحو ايجاد حل لازمة طالت.
اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د
هذه المبادرة التي يعتبرها بوجمعة الرميلي تنتصر لمبدإ التغيير من داخل الحزب، ستشهد كما بقية المبادرات السابقة عقبة اساسية، وهي تضارب المصالح بين الخصوم، فالمبادرة تقوم بنسف ما تم في سوسة، وهو امر لا يوافق عليه بوجمعة الرميلي، باعتبار ان سوسة مرحلة انتقالية ستنتهي قريبا بمؤتمر انتخابي.
ذات الرفض يقدمه رضا بلحاج، رئيس الهيئة السياسية للحزب، الذي شدّد ان حركته ستتعاطى ايجابيا مع المبادرة وستتحاور معهم من اجل تحقيق ما يمكن من مطالبها. فبلحاج الذي مثلت عودته حلّا للازمة يدرك ان تحقيق كل نقاط المبادرة غير ممكن.
وهو ما شرحه في تصريح لـ”المغرب” بقوله ان المطالب التي يمكن تحقيقها هي المطالب التي تأخذ بعين الاعتبار الواقع الجديد في الحزب، الذي هو قيادة افرزها مؤتمر سوسة ولا يمكن الاستغناء عنها.
هذا الخط الاحمر الذي رسمه بلحاج لحجم التنازلات الممكن تقديمها من اجل انجاح مبادرة الـ57، قد يعصف بكل محاولات التقريب، فبلحاج الذي يبحث عن عقد لقاءات مع وجوه من هذه المجموعة بعد اسبوع يدرك ان التنازلات المشترطة من قبله بمراعاة الواقع الجديد في الحزب لن تكون كافية للوصول الي حلّ قد يرضي الموقعين على المبادرة.
وما يرضي هؤلاء يقدّمه فوزي اللومي، عضو الهيئة السياسية لنداء تونس وعضو لجنة التفاوض، وهو القطع نهائيا مع مخرجات مؤتمر سوسة، وتعيين قيادة جماعية للحزب تكون تركيبتها وفق ما نصت عليه خارطة طريق لجنة 13.
هذه المطالب من قبل مجموعة الـ57 لن يكون من السهل على القائمين على حركة نداء تونس تحقيقها، فهي تسحب من تحتهم البساط بعد ان ظن حافظ قائد السبسي وفريقه ان التنازل عن الموقع الاول وتقديم رضا بلحاج الى موقع رئيس الهيئة السياسية سيكون كفيلا بالخروج من الازمة.
لكن الاوراق خلطت من جديد بهذه المبادرة التي لكل طرف خطوط حمراء لا يمكنه تجاوزها، مما ينذر بان الازمة ستشتد في القادم.