ووفق ما يؤكده سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد والناطق الرسمي باسمه فإن المنظمات الأربع التي تنكب اليوم على صياغة مبادرة حوار شاملة ينتظر ان تجعلها جاهزة لعرضها على المنظمات والمجتمع المدني التونسي في منتصف مارس القادم، كما تامل ان تتجاوب السلطة التنفيذية وأساسا رئاسة الجمهورية مع مبادرتها بشكل ايجابي لتجنب اهدار الوقت وعدم رفع تكلفة الإنقاذ.
مبادرة تقترب اليوم من انتهاء مرحلتها التحضيرية اذ سيعقد اجتماع للرباعي يوم 10 مارس المقبل للنظر في المقترحات النهائية للجان الثلاث التي تشتغل منذ أسابيع على صياغة مقترحات سياسية واقتصادية واجتماعية تشكل جوهر المبادرة، وثائق سيناقشها المجتمعون قبل ان تتم المصادقة عليها وإحالتها على الهياكل الجهوية والقاعدية لمنظماتها التي ستمهل 5 ايام لتحديد موقفها من المقترحات.
مهلة تنتهي في منتصف الأسبوع الثالث من مارس 2023 التاريخ المنتظر لعرض نص المبادرة وأرضيتها على عدد من المنظمات والجمعيات التونسية من بينها النقابة الوطنية للصحفيين وجمعية النساء الديمقراطيات وغيرها من المنظمات التي ستدعى للالتحاق بالمبادرة قبل ان تمر الى مرحلتها النهائية.
مرحلة نهائية ستضبط وفق سامي الطاهري رزنامة خاصة بها تتضمن موعد عرضها على الرأي العام التونسي وعلى السلطة التنفيذية، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، تعمل المنظمات على ان لا تتجاوز أجال طرح المبادرة رسميا نهاية الشهر المقبل. هنا يتضح جزء من الصورة العامة، المبادرة وبعد أكثر من شهرين منذ انطلاق نقاشاتها تتجه الى ان تصبح واقعا سياسيا يتعاطى معه كل الفاعلين في المشهد التونسي ويقدمون مواقفهم بشكل رسمي وحاسم، رغم المواقف الاولية التي وقع كشف عنها منذ بداية الحديث عن المبادرة.
فما هو جلي اليوم ان الرئاسة لازالت متمسكة برفضها للمبادرة باعتبارها ستتضمن جلوس الرئاسة مع خصوم تتهمهم بالفساد والتأمر وهو ما لا يقبل به الرئيس ويتمسك بمجابهته بكل الأدوات الممكنة.
لكن المواقف قد تتغير، ولو نظريا، فما تواجهه البلاد اليوم أزمة خانقة، تبرز جليا في تناقض تقييم السلطة ومعارضيها للأحداث والتطورات، فالسلطة التنفيذية وأساسا رئاسة الجمهورية تسوق للتطورات المتواترة على أنها حرب ضد الفساد والتآمر في حين تصف المعارضة سلوك السلطة وممارستها بأنه انحراف نحو الاستبداد والقمع.
وأيا كان التقييم هناك واقع موضوعي تواجهه البلاد وهو أزمتها المالية والاقتصادية التي تهدد سلمها الاجتماعي وتحذر من انفجار موشك على الوقوع اذا لم تعالج كل أسبابه برصانة وتعقل.
وهذا ما يترك ولو على المستوى النظري- هوامش لتغير كل التوازنات والقراءات لتتقاطع عند ضرورة الحوار وهو ما قد يمنح المبادرة المنتظرة شروط تحققها. غير ان الواقع قد يستمر في مخالفة المنطق والنظري، فما هو جلي ان رفض السلطة لمبدإ الحوار مع القوي السياسية خيارا قد يكون من الصعب جدا التراجع عنه، وهو ما يترك المنظمات الأربع أمام فرضية مرجحة وهي رفض السلطة للمبادرة والعمل على إجهاضها.
فرضية يبدو ان المنظمات الأربع وضعتها في حساباتها وهو ما جعلها تشتغل على خطة بديلة تهدف الى الضغط على السلطة ودفعها للانضمام للمبادرة، فالمنظمات الأربع وفي وثيقة سربت تضمنت الأرضية السياسية لنقاشاتها تقيم الأخطار المحدقة بتونس والاستحقاقات الاقتصادية والمالية التي ستواجهها وتدرك أنها تولد ضغطا مضاعفا على السلطة وتتركها أمام خيارات محدودة.
خيارات تريد ان يكون على قائمتها الحوار، وهو ما يعنى انها وضعت تصورا لتحركات احتجاجية وشعبية للدفع بالمبادرة إلى الإمام وإحراج السلطة التنفيذية واعتبارها الجهة التي تتحمل مسؤولية فشل الحكم وانعكاس ذلك على الحياة اليومية للتونسيين ورغم ذلك ترفض المساهمة في الخروج من الازمة.
المراهنة على إحراج السلطة لدفعها لتبنى المبادرة يكشف ان مبادرة المنظمات الأربع لا تستهدف بشكل مباشر تغيير التوازنات ولا منظومة الحكم، بل توفير مخرج من الازمة المعقدة بأقل التكاليف للجميع، وهو ما يعنى أن يتقدم كل طرف بتنازلات سواء من السلطة او من معارضيها.