خطاب الاتحاد في الذكرى 70 لاغتيال حشاد: المنعرج

لم تكن الكلمات وحدها هي التي اعلنت عن اننا امام منعرج في علاقة الاتحاد براس السلطة التنفيذية، كل التفاصيل التي اجتمعت امس في قصر المؤتمرات

هي الاخرى تعلن عن ان المواجهة انطلقت فعليا بين الاتحاد والرئيس.
الشعارات و المزاج العام للنقابيين وكيفية تفاعلهم مع كلمات الامين العام نور الدين الطبوبي كلها التقت لتشكل صورة واضحة وجلية وهي ان الاتحاد العام التونسي للشغل قرر ان تكون مواجهته مباشرة مع رئاسة الجمهورية دون حاجة الى واجهة الحكومة.
فكلمة الامين الام حملت انتقادا صريحا للمسار السياسي لرئيس الجمهورية، والبداية كانت بالانتخابات التشريعية التي وصفها الطبوبي بأنها «بلا لَوْن وبلا طعم»، وذلك لان كل الخطوات السابقة كانت خاطئة، كالقانون الانتخابي الذي كان «قانونا مسقطا» والدستور الذي قال انه «لم يكن تشاركيا ولا محلّ إجماع»، وهنا لم يغفل الامين العام عن تذكير الجميع بان الاتحاد لم يخطئ في 26 جويلية حينما اعتبر ان الاعلان عن التدابير الاستثنائية خطوة على درب تصحيح المسار ان توفرت « ضمانات تمنع أيّ انحراف أو انزلاق». لكنه وتدريجيا فقد الأمل.
فالضمانات التي طالب بها الاتحاد لم تتوفر كما ان نصائحه لم يقع الاستجابة لها ولا اخذها بعين الاعتبار، لينتهى المسار السياسي الى ما هو عليه اليوم مسار ضعيف يستبطن التفكيك والتفتيت. وهو ما ادى الى ان تتفاقم الازمة لتبلغ اليوم مرحلة يعلن فيها الاتحاد صراحة انه «يخشى على البلاد من المجهول» ولا يمكنه ان يطَمئِن على واقعها في ظلّ استمرار التفرّد والتخبّط.

هذا جزء من التقييم السياسي الذي استعرضه الامين العام امس في كلمته التي كانت بكل الاوجه اعلانا صريحا ان «الهدنة» وسياسة جس النبض قد ولى زمنهما وان الاتحاد انخرط بشكل صريح ونهائي في مواجهة الرئاسة التي حملها مسؤولية تدهور كل المؤشرات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...الخ.
فما تعيشه البلاد اليوم من تدهور في كل المجالات هو نتيجة لخيارات الرئيس، وهذا هو الخط الفاصل والمنعرج في موقف الاتحاد من المسار السياسي برمته، فعد اشهر عدة من التحفظ ومحاولة ايجاد ارضية مشتركة مع رئاسة الجمهورية وجد الاتحاد نفسه يعلن صراحة ان المسؤولية الكاملة عما يحدث اليوم تقع على الرئيس ولا احد غيره.

ولا ينتهى المنعرج باعلان الرئيس مسؤولا عن الازمة الراهنة بل باعلان الاتحاد على لسان امينه العام انه « لم ييأس من التغيير والإصلاح» ولم يفقد الامل من إمكانية الإنقاذ، وهنا يحدد الاتحاد من يمكن له ان يتقاسم معهم هذه العملية وهم النقابيون وكوادر الدولة ونخبها ومفكّروها ومبدعوها وأحرارها . ويضع شرطه ايضا وهو ان مسار الانقاذ ان انطلق لن يكون بهدف العودة الى ما قبل 25 جويلية، فذلك ايضا زمن ولى ومسار كان ملئ بالكوارث والأخطاء التي لا يجب ان تتكرر.
بهذا يعلن الاتحاد انه بات الخصم الصريح للرئيس ولمساره السياسي بل واعلن ان له تصورات وبرامج فعلية تعالج الازمات التي تراكمت طوال هذه السنوات بما فيها سنة الاستثناء.
منعرج اختارت المنظمة النقابية ان تعلنه في احيائها للذكرى 70 لاغتيال فرحات حشاد وللمناسبة رمزيتها ودلالتها التي تفيد بان البلاد ستقبل على مرحلة جديدة يسوقها الاتحاد على انها «الانقاذ».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115