وزيرة المالية تكشف عن خطة الإصلاحات: ويستمر الغموض .. بعد جهد تفسير الماء بالماء

لا تغادر الحكومة مربعها القديم إذا تعلق الامر بخطابها الموجه للتونسيين فإذا «تكلمت» فأنها لا تقول شيئا بوضوح وصراحة كما هو الحال في حوار وزيرة

المالية سهام البوغديري نمصية، مع قناة التاسعة يوم الخميس الفارط.
في الحوار الذي استهلته الوزيرة بالقول «انها ستكشف عن الخطة الاصلاحات الكبرى وعن سياسات حكومتها». انتهى بها الامر الى اعادة تقديم الخطوط العريضة دون الغوص وتفصيل في بنود خطتها الإصلاحية ولا الكشف عن نص الاتفاق الاولي بين حكومتها وصندوق النقد الدولي.
ففي هذا المجال تجنبت وزيرة المالية الكشف عن تعهدات تونس لصندوق النقد الدولي وبرنامج الاصلاح المتضمن للآجال والتكاليف بشكل واضح وصريح واكتفت بالقول ان خطة الاصلاحات منشورة في موقع رئاسة الحكومة في اشارة الى الوثيقة التوجيهية التي نشرت منذ اشهر ولم تحمل غير خطوط عريضة وأهداف تعمل الحكومة على بلوغها دون ان تحدد الاليات التي ستمكنها من بلوغها.

من بين الاهداف التي تعمل عليها الحكومة ما تطلق عليه سياسة توجيه الدعم. وهو المصطلح الرديف لرفع الدعم. ما تعلنه الوزيرة ان حكومتها ستمتع 8 ملايين تونسي بالدعم مع بدء تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وان هذا سيكون على امتداد أربع سنوات بداية من عام 2023 إلى غاية 2026.
وآليات الدعم تعيد الوزيرة القول بأنه «انتقال من دعم على البضائع الى دعم مباشر عبر تحويلات مالية ستشمل المنتفعين». هنا أشارت الى حكومتها وضعت قاعدة البيانات لتحديد مستحقي الدعم وأعلنت انها شبه جاهزة. مع الاشارة الى ان منصة التسجيل للحصول على الدعم سينطلق عملها هذا الشهر.
في هذا الصدد ينكشف التناقض بين ما يقال والواقع. فما تسوق له الوزيرة ان حكومتها لديها قاعدة بيانات دقيقة لمستحقي الدعم. كما انها ستقوم بالتدقيق في مدى احقية المسجلين على المنصة للحصول على الدعم المباشر. وهذا ما يمهد لاختلال في المقاربة برمتها اذ لا يغيب عن وزيرة المالية او غيرها من وزراء الحكومة ان نصف الاقتصاد التونسي غير منظم ولا دارية للدولة بشأنه غير ما ظهر منه على السطح اي ان الدولة لا تدرك فعليا مؤشرات دقيقة عن عائدات جزء كبير من العاملين في اقتصاد الظل وهذا سينعكس بدوره على قدرتها على تقييم مدى الأحقية بالدعم.
كما ان ما قدم في خطاب وزيرة المالية هو خطاب سياسي يبحث عن تجنب قول الحقيقة صراحة سواء في علاقة بالدعم وسياسة الحكومة بشأنه او عن خطة اصلاح الوظيفة العمومية والتحكم في كتلة الأجور. او بشان التفويت في مؤسسات عمومية هنا تقول الوزيرة «ان حكومتها ستدرس امكانيات التخلي عن مساهمتها في المؤسسات العمومية التنافسية او فتح راس مال بعضها امام القطاع الخاص» لتجنب القول ان الحكومة وضعت قائمة المؤسسات العمومية التي ستقوم بخوصصتها.

اما عن التحكم في كتلة الاجور فان الحكومة تراهن على ان يشارك 6 ألاف موظف في سياسة التقاعد الطوعي وان تمكنها التعديلات التي ستدخلها على قانون الوظيفة العمومية من تفعيل ما تطلق عليه «التأجير على قاعدة العمل المنجز».
كل هذا مع التشديد على ان خطة الاصلاحات تونسية/ تونسية وان لا شان للصندوق بها. فقط هو ينتظر هذه الاجراءات الاصلاحية قبل ان يقع ختم الاتفاق المالي مع الحكومة في نهاية ديسمبر القادم. وهذا يعنى ان الصندوق في انتظار قانون مالية 2023 لإبرام اتفاقه مع تونس.
تكلمت الحكومة واعلنت عن خطة اصلاحاتها بخطاب سياسي هدفه واضح وهو التشديد على ان سياساتها الاصلاحية لن تطال تداعياتها التونسيين دون ان تقول بشكل واضح ومباشر كيف ستقوم بتنزيل أحد ابرز اصلاحاتها وهو توجيه الدعم وكيف ستحدد فعليا من هم مستحقيه، فكل ما يقدم اليوم هو نوايا دون قدرة فعلية على ان تصبح آليات عادلة وناجعة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115