فشل المفاوضات مع الاتحاد وبداية الاحتجاجات الاجتماعية: انفجار اجتماعي يقترب، فهل ستنزع السلطة فتيل الأزمة؟

يبدو ان طبقة الجليد التي تقف عليها البلاد قد اصابها تصدّع بات ينذر بقرب انكسارها من تحتهم والقذف بهم الى اسوء فرضية كان يقع التحذير منها

وهي تقاطع كل ازمات البلاد عند نقطة «الانفجار» الذي لا احد يعلم الى اين قد يؤدي بنا والثمن الذي ستتكبده البلاد والعباد لتجاوز اثاره.
اذ ان نسق الاحداث تطور بسرعة ودفعت بحزمة من الازمات الى دخول مراحل جديدة كانت اولى ثمارها تصدع اصاب الارض التي يقف عليها الجميع، حكما ومعارضة وشعبا. فالبلاد اليوم تشهد ارتفاع منسوب التوتر والاحتقان السياسي والاجتماعي.
فخلال الساعات القليلة الفارطة اعلن عن تعثر المفاوضات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل. ونشرت تسجيلات فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي تنقل احتجاجات اجتماعية في منطقة دوار هيشر من ولاية منوبة اضف الى ذلك توتر العلاقة بين النقابات الامنية ووزارة الإشراف.
هذه التطورات تأتي في ظل سياق سياسي واقتصادي ومالي متأزم بطبعه. ففي الملف السياسي لاتزال محاولات تغيير الموازين مستمرة بهدف اعادة تشكيل المشهد السياسي الذي هيمنت عليه صراعات الشرعيات والمشروعية والتي تتعلق اساسا بإدارة المرحلة الاستثنائية وبالاستفتاء وبتوجه رئاسة الجمهورية الى صياغة قانون انتخابي دون نقاش واسع مع خصومها.

سياق تميز بتقدم نسبي للرئيس على حساب خصومه، لكن هذه الافضلية هشة طالما ان الازمة السياسية لازالت تراوح مكانها رغم اقرار نتائج الاستفتاء وإعلان الرئاسة عن الذهاب الى الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر القادم. وقد بات القانون المنظم لها محل تنازع سياسي.
هذا التنازع على القانون الانتخابي والدعوات الصادرة عن الدول السبع الكبرى الى الحوار والتوافق السياسي انتهى بجعل الرئاسة كجزيرة معزولة حزامها السياسي ضعيف لا يمكنه ان يؤمنها متى احتاجته فعليا، وحاجة الرئيس لحزامه وأنصاره باتت جلية اليوم لاحتواء بوادر الازمة الاجتماعية التي قد تتطور لتكون «انفجارا» سبق أن حذر منه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

تحذير قام بالاساس على ان المناخ الاجتماعي غير مستقر ويتجه الى الصدام بين الشارع والدولة. هنا فقدت الدولة قدرتها على احتواء هذا الصدام ان جد، فهي دفعت بالمنظمة الاجتماعية اتحاد الشغل بعيدا عنها و يبدو ان فشل المفاوضات مع الاتحاد ستتضح تكلفته السياسية قريبا حينما تبحث الحكومة والرئاسية عن انصار وحلفاء لاحتواء الشارع الذي شهد اول امس اول بوادر تحركه بمسيرة احتجاجية شهدتها منطقة دوار هيشر بولاية منوبة للمطالبة بالشغل والحرية والكرامة.
مسيرة قد تشجع الغاضبين على اقتفاء اثرها وهنا ستتوفر فرصة لخصوم الرئيس للضغط عليه اكثر، اذ ان الوقت الذي اهدر في تبجيل السياسي على الاقتصادي والاجتماعي بدات اثاره السلبية تبرز وهنا لا يتعلق الامر باحتجاجات دوار هيشر، بل بالمناخ الذي بات مهيئا لتحرك الشارع وخروجه للتعبير عن غضبه من تواصل الازمات الاقتصادية والمالية.

غضب من بلوغ البلاد مرحلة اقتصادية صعبة من المجحف ان يقع تحميل رئاسة الجمهورية المسؤولية الكاملة عنه، ولكن الرئاسة هي التي جعلت نفسها هدفا لكل السهام حينما احتكرت السلطة وفرضت هيمنتها على المشهد التونسي بفرض خياراتها واولوياتها. لهذا وجدت نفسها اليوم في وضعية صعبة قد تتجه الى الاسوء إذا اساءت تقدير الامور او اتخاذ القرارات العاجلة.

اليوم يتضح جليا للجميع حاجة البلاد الى ان تسارع بايجاد مخرج آمن لها من ازمتها، وهذا غير ممكن طالما ان الجميع متسمر في مكانه يرفض ان يتقدم خطوة نحو عقلنة العملية السياسية في البلاد وهو اخر امل تبقى لها لتجنب انفجار اجتماعي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115