اي المعارضة، على ان تستمر اثارة ازمة الشرعية والمشروعية امام الرئيس لابقائه منشغلا بصراعات سياسية.
و يبدو ان المناورة السياسية التي وجدت أجزاء من المعارضة نفسها تتقاسمها محاولة الانتقال الى مربع جديد، اذا نظرنا الى الساحة السياسية على انها رقعة شطرنج، فذلك يسمح لها بإطالة امد حصار الرئيس في مربع صراع الشرعية والمشروعية.
وقد باتت هذه الورقة حاضرة بقوة في الساحة منذ نهاية يوم الاستفتاء 25 جويلية الفارط والإعلان عن نسبة المشاركة الاولية والتي كانت حوالي 27 % قبل ان يقع الإعلان عن النتيجة النهائية والتي لم تبلغ سقف 30%، ومع الرقمين حرصت المعارضة على ان تبرز ضعف نسبة المشاركة اضافة الى ابراز حجم من قاطعوا سواء منهم من قاطعوا مقاطعة نشيطة او الذين قاطعوا لعزوفهم عن العملية السياسية برمتها.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
يومها اعتقدت المعارضة انها ستستطيع لعب ورقة ضعف نسبة المشاركة حتى تحافظ على عدم استقرار المشهد السياسي لا لاجبار الرئاسة على الغاء الاستفتاء او التراجع عنه بل لابقائه منشغلا بصراعه معها ودفعه الى اطالة امد عدم الاستقرار السياسي بالبلاد. مما يؤثر على قدرتها على تعبئة الموارد المالية.
وهوما كان لها اذ مع توالي الايام وبداية خروج الخطاب الرسمي من حيز التحفظ والترقب الى الافصاح صراحة اعلن عن ان «الامر حسم» وان «الشعب» وحّد «الشرعية بالمشروعية» وبهذا انخرطت السلطة حتى وان كانت تتمنع في صراع الشرعية والمشروعية الذي جرت اليه.
فخروج السلطة وإعلانها ان الاستفتاء ايد مسارها السياسي الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021 وبات المسار يحظى بمشروعية شعبية وله غطاء قانوني يمنحه «شرعية دستورية» وعليه فان الامر حسم دون رجعة بالنسبة للماسكين بالسلطة وهذا ردها على إثارة صراع المشروعيات.
خطاب راهنت السلطة على انه ينهى صراع المشروعية والشرعية ولكن صراع الارادات يرفض الانصياع لمنطق السلطة. لتنتقل المعارضة ، وبالأساس الدستوري الحر وجبهة الخلاص وتحالف الخماسي، الى مربع يمكنها من مواجهة السلطة بأدواتها القانونية والدستورية التي تحصنت بها لحسم الصراع.
تمسك السلطة بان الدستور الجديد الذي صادق عليه التونسيون حسم الامر بدخوله حيز التطبيق بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية، لجأت المعارضة الى ذات الدستور لتستعمله في محاصرتها للرئيس وتغذية حرب الشرعية بينها وبينه، حتى وان كان كل فريق يوظف خطابا واليات مختلفة عن الاخر.
اذ باتت المعارضة تطالب بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها منذ ايام، ولكنها اليوم عززت مطلبها باستعمال الدستور الجديد وهذا ما قام به الدستوري الحر في مسعى لاحراج الرئاسة ومقارعتها بنصوصها القانونية والدستورية لا من اجل جر الرئاسة الى انتخابات مبكرة، بل من اجل تحقيق نقاط افضلية على مختلفة الاصعدة.
فالحزب الدستوري ورئيسته لا يبدو انهما يراهنان على استجابة الرئيس لمطلبهما بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة بحجة انه انتخب وفق نص دستوري لم يعد محل تطبيق، بل تراهن على ان تطيل معه جولات النزال بإثارة معركة الشرعية الدستورية للحفاظ على توتر المشهد السياسي.
توتر تريد منه رئيسة الحزب ان تحقق حزمة من المكاسب التي يمكن ان تختزل في التالي «البلاد في حالة استقطاب حاد وعبير موسى زعيمة المعارضة» والبحث عن تحقيق هذا المكسب مسعى جل المعارضة بتنوع تشكيلاتها.
فهذه المعارضة التي تطالب بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، تدرك ان المعطيات الاحصائية والسياسية الراهنة تمنح الرئيس قيس سعيد افضلية في السباق بل وتمكنه من حسمه في الدور الاول، لكنها تراهن على ان استفزاز الرئاسة وجرها الى معارك الشرعية والمشروعية سينخر تدريجيا قاعدتها الشعبية وخزانها الانتخابي ويجعلها هشة امام اي اهتزازات اجتماعية عنيفة.