بعد لقاء الجرندي مع القائمة بأعمال السفير الأمريكي بتونس: الدبلوماسية التونسية في خدمة «مشروع الرئيس»

اختارت السلطات التونسية ان تجزئ ردها على ما اعتبرته في خطابها السياسي «تدخلا في الشأن التونسي» الى قسمين

وعالجت كل منهما على حده وان وحدهما هدف مشترك وهو الدفاع عن مسار 25 جويلية وعن خيارات الرئيس السياسية بالأساس.
اذ اجابت السلطات على انتقادات الدول الكبرى للاستفتاء وللمسار السياسي لـ25 جويلية، بخطابين خصص كل منهما لـ«جمهور محدد». خطاب قدمه رئيس الجمهورية والثاني ترك لوزارة الخارجية مهمة إلقائه وإبلاغه.
ففي القسم الاول من رد الدولة التونسية على انتقادات العواصم الغربية تقدم الرئيس بخطاب واضح وصريح قوامه «السيادة الوطنية» التي يدافع عنها وعن الارادة الشعبية التي يعتبر انها استهدفت بالانتقادات التي وجهت الى مسار الاستفتاء واستندت الى ضعف المشاركة فيه وما افرزه من توزيع جديد في المشهد.
فرئيس الجمهورية شدد لدى استقباله لوزير الخارجية يوم الجمعة الفارط على انه لا يقبل ولايسمح بان يقع المساس بالسيادة الوطنية وبارادة التونسيين التي عبروا عنها في الاستفتاء ليرسم الخطوط العريضة التي يجب ان تتبعها الديبلوماسية التونسية في معالجتها للوضعية الجديدة إذ أن الرئيس رسم مسار الدفاع عن «مساره السياسي» بأن جعله مسارا شعبيا يعبر عن إرادة التونسيين وأن أي محاولة للتأثير او التدخل هي مس من السيادة الوطنية، وترك لوزيره كيفية اخراج هذه الرسالة والدفاع عن المسار بادوات وخطاب ديبلوماسي كشف عنه في البلاغ الذي اصدرته الوزارة في ذات اليوم وتعلق بمضمون اللقاء الذي جمع عثمان الجرندي بالقائمة باعمال السفارة الامريكية في تونس.
بلاغ اعلن فيه عن استغراب تونس من الموقف الامريكي الاخير في علاقة بالاستفتاء والمسار السياسي الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021 كما اعلن رفض الدولة التونسية لمطالب الادارة الامريكية المبطنة والصريحة.
هذا ليس جوهر العملية الدبلوماسية التي انطلقت اليوم في تونس من اجل الدفاع عن المسار وتسويقه دوليا، اذ ان البلاغ حمل مؤشرات واضحة عن بحث السلطات التونسية عن أن تتجنب القطيعة او الصدام مع الادارة الامريكية ومن خلفها باقية العواصم وكشف عن مراهنة الدبلوماسية التونسية على تغيير تقييم العواصم الغربية للاستفتاء ومخرجاته جنبا الى جنب مع تغيير تقييمها للمسار السياسي ولخيارات الرئيس.
فوزير الخارجية التونسية بحث عن اقناع القائمة بأعمال السفير الامريكي بأن التقييم للمخاطر والقراءة للمشهد تستند الى معطيات خاطئة، وان المسار السياسي في تونس منذ 25 جويلية مسار من أجل «ارساء الديمقراطية الحقيقية» والتعبير عن ارادة التونسيين وان هذا المسار الذي انتهى بعد سنة بالتصويت على دستور جديد هو محل اجماع تونسي وله مشروعية وشعبية واسعتين.
واعتبر أن ما تضمنته الموقف الامريكي من قراءة او معطيات لا يعكسان إطلاقا حقيقة الوضع في تونس التي تعيش منذ 25 جويلية 2021 على وقع «إعادة هيكلة وتأهيل الحياة السياسية على أسس صحيحة ومتينة» من اجل «بناء نظام ديمقراطي حقيقي «وان هذا المسعى هو جوهر «الدستور الجديد».
دستور تدافع عنه الدبلوماسية التونسية كدفاعها عن «مسارها الديمقراطي « الذي يخضع لإعادة تأهيل منذ 25 جويلية 2021 ، وعليه فان الدولة التونسية وسلطتها ترفضان اي «تشكيك» في مسارها الديمقراطي أو في خيارات شعبها وإرادته. وهنا يقدم الجرندي قراءة السلطة للاستفتاء ونتائجه ليعلن ان التونسيين عبروا عن ارادتهم الشعبية من خلال صندوق الاقتراع «بأغلبية واسعة» وفي كنف النزاهة والشفافية، التي قال انه وقع الاقرار بها من الملاحظين الدوليين الذين رافقوا سير عملية الاستفتاء.
ويستمر البلاغ في كشف عناصر خطاب الدبلوماسية التونسية والقائمين عليها، ليبين مساعي السلطات التونسية الى تعديل المواقف الغربية لتكون داعمة لمسار 25 جويلية والدستور الذي انبثق عنه، وتراهن على ان وعودها بان الحريات لن يقع المساس بها وستحترم مع الإشارة إلى السيادة الوطنية وإرادة الشعب في تفادي تداعيات مسار الاستفتاء وضعف المشاركة فيه.
ولئن كانت السلطات التونسية تسوّق داخليا لخطاب السيادة الوطنية ورفض التدخل الاجنبي إلا ان تحركاتها الدبلوماسية تعكس خشية من ان ترافق هذه الانتقادات خطوات فعليه في اتجاه الضغط عليها لمراجعة سياساتها، إذ تدرك السلطات التونسية ان المواقف الغربية الاخيرة هي بداية ضغط صريح عليها من اجل مراجعة مسارها السياسي الذي انطلق منذ سنة.
مراجعة باتت مقترنة بالدعم الغربي للبلاد التي تواجه ازمة خانقة وتراهن على دعم ذات العواصم الغربية حتى تقف الى جانبها وتدعم مساعيها لتعبئة موارد مالية تحول دون انهيارها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115