الاتحاد العام التونسي للشغل ورئاسة الجمهورية: سعيد و الطبوبي.. هل هي مرحلة المواجهة ؟

منذ 25 جويلية تاريخ هيمنة الرئيس قيس سعيد على الفضاءات السياسية في البلاد. الاتحاد العام التونسي للشغل مثّل نسبيا القوة القادرة على التأثير والمواجهة.

وهذا يتجلى في مواقف المنظمة وتصريحات قادتها آخرها الصادرة أمس والتي تضمنت تلميحا بأن الاتحاد له القدرة على أن يواجه الرئيس إذا فرض عليه الأخير الأمر.
فكلمة الامين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي، التي ألقاها في افتتاح المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس يوم امس كانت بمثابة اعلان مبطن عن ان الاتحاد لن يصطف خلف الرئيس ولن يسانده بشكل مطلق، وانه حتى وان كان يتقاطع مع الرئاسة في بعض النقاط لكن للمنظمة مؤاخذات تعكس جملة من الاختلافات بينها وبين الرئاسة.

اختلافات من قبيل عدم وضوح رؤية مؤسسة الرئاسة وبرامجها للبلاد. كما أن نزوع الرئاسة نحو الاستفراد بالرأي ومطالبة الاخرين بأن يلتحقوا به مرفوض فالاتحاد لن «يمنح سعيد صكا على بياض» لاعتباره أن ذلك بمثابة الذهاب في «المجهول».

المجهول هنا هو ما يقدمه الرئيس من تصورات وخطابات ترحل الحسم ومعالجة الازمات الى «الشعب» تحت شعار الشعب يريد ولتحقيق ارادته فانه سيقع الاستماع إليه في حوار شبابي شعبي، وهذا لا يقبل به الاتحاد الذي يعتبر ان الحوار او مضمانيه يجب ان تكون واضحة وان يعلن الرئيس بشكل صريح عن خياراته.
الوضوح والخروج من المنطقة الرمادية ذلك ما يطالب به الاتحاد ليحدد موقفه حول ما اذا كان سيساند تمشي الرئيس او يعترض عليه، والقصد هنا ليس ان الاتحاد لا يقبل بأن يكون دوره منحصرا في الدعم دون القدرة على التدخل والتعديل، أي انه يرغب في ان تدار الملفات بحوار بين الفرقاء كل يتنازل إلى الآخر وليس اصطفاف دون شروط.
فإذا كان الاتحاد يعتبر ان نهاية منظومة ما قبل 25 جويلة امر جيد للبلاد وفيه فرصة لاعادة البناء والتاسيس السليم، ويرى ان الحل لن يكون الا تونسيا تونسيا أي بحوار الفرقاء في الداخل دون تدخل اجنبي ترفضه المنظمة وتدينه. فانه يرفض ان يكون مشاهدا في اللعبة ويرغب ان تنهى الرئاسة سياسة فرض الامر الواقع والانفراد بالرأي.
هذه الرغبة ليست مجرد «امنيات» بل هي خيار اتخذه الاتحاد وقرر الدفاع عنه، ودفاعه هنا بالتلويح الضمني بانه قوة اجتماعية تمثل الشغالين، وهؤلاء الشغالون ينتظرون من منظمتهم ان تحقق لهم تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الحكومات السابقة.

فالطبوبي اشار بشكل صريح الى ان المنظمة متمسكة بتفعيل كل الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الحكومات، وأخرها حكومة المشيشي. واتفاقيات قال ان 70 % منها لم يقع اصدار الاوامرالمرتبة لها خاصة في قطاعات الوظيفة العمومية بسبب الفراغ الحكومي الناجم عن خطوة الرئيس في 25 جويلية 2021.

اتفاقيات يشير الامين العام الى ان تجميد تنفيذها وعدم نشر الاوامر الخاصة بها ستكون له انعكاسات سلبية اذ انه يهدد «الاستقرار الاجتماعي في البلاد»، ويذهب إلى أبعد من ذلك بالتأكيد على أن المنظمة ورغم ما تعيشه المالية العمومية من وضعية صعبة لن تتراجع عن حق الشغالين في تطبيق الاتفاقيات، التي وقع الوصول إليها في المفاوضات الاجتماعية.
هنا يصبح التلميح أشد وضوحا بقول نور الدين الطبوبي ان الاتحاد «على مشارف معركة من أجل خيارات وطنية ومن أجل استحقاقات اجتماعية كما تطرق الى الفساد وقال «أن الفساد وقع توظيفه بطريقة المزايدة لا غير».

وهذا ما يعنى بأشكال عدة ان الاتحاد اختار ان يوجه رسالة شديدة الوضوح الى رئاسة الجمهورية مفادها انه وان كان يتوفر على عناصر قوة عديد فان للمنظمة القدرة على مجابهته ووقف مساره الذي تعتبره «انفراد بالرأي» وان الخيار الوحيد من اجل الوصول الى بر الامان هو الحوار.

والحوار الذي يريده الاتحاد مختلف عن حوار الشباب الذي يدفع باتجاهه الرئيس، فالاتحاد يعتبر أن سبب الأزمة السياسية صراعات وتباينات بين مكونات الساحة السياسية والاجتماعية وحسمه لا يكون الا بالجلوس معا والحوار بهدف الوصول الى خارطة طريق محددة تهيئ البلاد للاستحقاقات القادمة وتضع حدا لازماتها الاقتصادية والسياسية.
حوار يدفع الاتحاد في اتجاهه ويلوح بشكل غير مباشر بان له القدرة على ان يكون «خصم» الرئيس إذا استمر الاخير في تجاهل ضرورة الجلوس على طاولة حوار وبحث عن فرض خياراته كأمر واقع على الجميع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115