كل الجهات الداخلية والخارجية تطالبه به: هل سيعيّن قيس سعيد رئيسا للحكومة ؟ !

ينتظر الكل تعيين خلف لهشام المشيشي ويعتبر أن هذا القرار ذو أولوية قصوى تضاف إليه خارطة طريق توضح معالم وغايات وآجال هذه المرحلة الاستثنائية.

ولكن هل يرغب رئيس الدولة في تعيين رئيس للحكومة ؟ كل المؤشرات تدل عل عكس ذلك ..
نحن لا نقصد بطبيعة الحال أن الرئيس لن يعين في القريب العاجل من سيشغل كرسي القصبة ولكن السؤال هنا هو بأية صفة (رئيس حكومة أو وزيرا أول أو مكلفا بتسيير الحكومة) وخاصة بأية صلاحيات.
نحن ولاشك في حالة استثنائية وفق تأويل رئيس الدولة لمقتضيات الفصل 80 من الدستور ولكننا لم نلغ العمل بدستور 2014 وهذا يعني أن صاحب(ة) القصبة الجديد(ة) ستكون له الصلاحيات التي ضبطها الفصل 92 من الدستور ومنها «إحداث تعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها» وخاصة «إجراء التعيينات والإعفاءات في الوظائف المدنية العليا «كما لا ننسى الفصل 99 الذي ينص بوضوح «يضبط رئيس الحكومة السياسة العامة للدولة».
كل هذه الفصول ،وغيرها،تتناقض كلية مع ما أعلن عنه رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية عندما فعّل الفصل 80 وقال انه هو الذي سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بما يفيد انه سيختص بأهم مجالات رئيس الحكومة كما وردت في الدستور .
قد يبدو هذا النقاش نظريا للبعض خاصة وانه من شبه المستحيل أن يتم تنازع الصلاحيات من جديد بين صاحبي قرطاج والقصبة ولكن ضبط الإطار القانوني العام لتحرك الحكومة القادمة مسألة على غاية من الأهمية لا فقط لرئيس الجمهورية ولكن أيضا للمكلف القادم بتسيير أو رئاسة الحكومة ولكل شركائها في الداخل وفي الخارج ..
كيف العمل إذن على تغيير صلاحيات راسي السلطة التنفيذية كما افترضها دستور 2014؟
يبدو أن النية تتجه لإصدار تنظيم مؤقت للسلط العمومية يحدد هندسة وهيكلة الحكم في هذه «الحالة الاستثنائية « ويكون ذلك بمقتضى أمر رئاسي يصدر بالرائد الرسمي وهكذا يعيّن صاحب القصبة الجديد وفق هذا الأمر ووفق الفصل 80 من الدستور الأمر المحدث لهذه الحالة الاستثنائية لا وفق بقية فصول الدستور المتعلقة بصلاحيات رئيس الحكومة.
هل يعني هذا تعليقا نهائيا للدستور؟ لا يبدو أن النية تتجه إلى هذا الحلّ الراديكالي ولكن إلى الاكتفاء ،فقط بإخراج هيكلة وصلاحيات السلطة التنفيذية،وخاصة في ما يتعلق بتسيير الدولة والإدارة،من دائرة دستور 2014 مع إبقاء العمل به في بقية أبوابه ولكن من الناحية الواقعية سيكون هذا «التنظيم المؤقت للسلط» العمومية بمثابة «الدستور الصغير» لهذه الحالة الاستثنائية في انتظار أن يحصل تعديل جوهري لدستور 2014 أو حتى إعداد دستور جديد وعرضه على الاستفتاء قبل استئناف (؟) الحياة العادية للمؤسسات الدستورية والأرجح أن انتخابات عامة ستجرى وفق هذا الدستور الجديد..ويمكننا أن نجد في هذا التنظيم المؤقت للسلط العمومية،والذي أشار إليه لماما رئيس الدولة،بعض الأفكار الرئيسية التي ستهيكل بدورها الدستور القادم ..
لاشك أن الاهتمام الرئيسي سينصب على تعيين الحكومة وعلى قائد هذا الفريق ولكن الإعداد إلى «الجمهورية الثالثة» على قدم وساق وهذا «التنظيم المؤقت» سيكون أفضل بالونة اختبار لردود الفعل الوطنية والدولية ولمعرفة إحدى أهم ملامح المرحلة القادمة ..
أما «خارطة الطريق» التي ينادي بها الجميع في تونس فيبدو أنها ليست من أولويات هذه المرحلة الجديدة فرئيس الدولة لن يظهر كافة أوراقه ولن يتصرف وفق رغبات مكونات المجتمع المدني والسياسي فخارطة الطريق عنده ليست وثيقة قبلية سيسير على خطاها بل هي السير ذاته والذي يتجلى يوما بعد آخر في مختلف الأوامر الرئاسية .
تلك هي «الرؤية الجديدة» لقيس سعيد وهي الآن الوحيدة التي لها قدرة الإنفاذ والتطبيق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115