تصريح رسمي صدر عن الناطقة باسم الوزارة أعلن عن ان منظومتنا الصحية انهارت مما استوجب لاحقا تدخل وزارة الاشراف لتفند ما قالته الناطقة باسمها وتشدد على ان الوضع ورغم صعوباته لم يصل الى مرحلة الانهيار.
في ظل هذا التناقضات الصادرة عن الوزارة المكلفة بقيادة الخط الاول في الحرب على الوباء يتضح بشكل جلي ان الحكومة ووزارتها تدير الامور بشكل «عشوائي» لا احترافية فيه ولا تمحيص وأتباع لما يقدمه اهل الاختصاص من نصح وارشاد.
فما قالته بن علية وهي اليوم تقدم للتونسيين كمتحدثة باسم وزارة الصحة ابسط ما يقال عنه انه «خطأ اتصالي» ينضاف إلى المئات من الاخطاء التي كانت من بين اسباب بلوغنا هذا المربع الخطير في الازمة الصحية. اذ ان الدكتورة بن علية وهي تعلن انهيار المنظومة الصحية غاب عنها امران، الاول انها تمثل جهة رسمية يؤخذ عنها القول على انه معطيات رسمية وليس موقفا شخصيا او انطباعا او صرخة تحذير. اي ان اعلانها ينظر اليه على انه اقرار بحقيقة واقعة على الارض وهي انهيار المنظومة وعجزها عن تقديم الخدمات الصحية للتونسين.
هذا الاقرار وبعيدا عن النفي الصادر عن اكثر من جهة له، له تاثير سلبي داخليا وخارجيا، ففي الداخل حالة الذعر والفزع ستؤثر على عمليات اتخاذ القرار وتخلق حالة من الجزع في الشارع ينتج عنها رد فعل مناقض لما كانت بن علية تخطط له.
اما على المستوى الخارجي فان القرار الليبي بغلق الحدود البرية والجوية عينة عن تاثير تصريح الناطقة باسم وزارة الصحة، وكيف يدفع بالدول المجاورة او غيرها الى اتخاذ تدابير احترازية ضد تونس.
تصريح كانت هذه تداعياته المباشرة والجلية وهو ما استوجب حملة تصحيح قادتها وزارة الصحة بالأساس لنفي خبر انهيار منظومة صحية تعاني الويلات اليوم وتمر بوضع صعب وحرج.
منظومة صحية تعاني من الارهاق ويعاني العاملون فيها خاصة الاطار الطبي وشبه الطبي المباشر لمرضى الكوفيد- 19 من تعب وارهاق شديدين ولكنهم يواصلون مساعيهم لانقاذ ارواح التونسيين.
ارواح توضع امام الخطر بسبب فشل السياسة الاتصالية للحكومة وللمؤسسات الرسمية برمتها، ولاخطاء سياسية قاتلة تنسف اي مجهودات فعلية للانقاذ او الحد من انتشار الوباء وترسخ لصورة سلبية عن الدولة ومنطقها في ادارة الازمات من تخبط وتراجع عن تطبيق القانون والصرامة التي لوحت بها الحكومة منذ اسابيع ولم تنفذها على ارض الواقع الا على المواطن متجاهلة انها تفتح الباب امام التمرد والتشكيك في القرارات، كما هو الحال مع عقد مؤتمر الاتحاد الاستثنائي في سوسة رغم أن الولاية في حجر صحي شامل.
كذلك الحال مع العشرات من الامثلة التي تكشف عن تخبط وعجز عن ان يقع تنفيذ التوصيات الصادرة عن الدولة في ملف الكورونا والاجراءات الوقائية التي اقرتها اضف الى هذا خطاب اتصالي يغيب عنه ادراك ان البلاد في حالة ازمة وانها تحتاج لإتباع اتصال الازمات وما يقوم عليه من خطط ومنهجية واستراتيجية. يدل على التخبط والعشوائية التي امتاز بها خطاب الحكومة التي غابت عن المشهد دون ان تضع استراتيجية اتصالية توحد الخطاب الصادر عن الدولة، لتترك الامر للافراد يقدمون ما يرونه صالحا للقول.
وهنا تبرز الكثير من الاخلالات ، اذ يكشف تناقض الخطاب بين المؤسسات وبين اعضاء الفريق الواحد عن عمق الخلافات والتصدع الذي اصاب كل مؤسسة ومنظومة، ويبرز الاصطفاف والمعارك الجانبية بين الاجنحة في الحكومة كما في وزارة الصحة وغيرها. وتتجلى القطيعة والخلاف بين رئاسة الحكومة ووزارة الصحة.
تخبط وتصريحات يدل على ان تحمل في مضامنيها رسائل اتصالية واضحة تساعد على حشد التونسيين وتعبئتهم لخوض الحرب تقوم بتقسيمهم وتبث فيهم الرعب وتضاعف من تخبطهم الناجم عن غياب الاتصال معهم في ظل اختيار الحكومة او وزارة الصحة الغياب عن المشهد خلال الايام الفارطة، والاكتفاء بإصدار بيانات وبلاغات تعلم بالارقام المسجلة او بالقرارات المتخذة.