رئيس الجمهورية يلتقي برئيس الحكومة وبثلاثة رؤساء سابقين (العريّض والشاهد والفخفاخ) حوار قبل الحوار: لقد بلغ السيل الزّبى !!

بعد ستة أشهر ونصف من تقديم مبادرة الحوار الوطني التي أعدها الاتحاد العام التونسي للشغل إلى رئيس الدولة،

ها أن قيس سعيد يقدم على ما يشبه بداية الحوار أو الحوار قبل الحوار على حدّ تعبيره.. ولأنه يريد حوارا على غير الصيغ التقليدية ولا يريد أن يتحاور مع من كان سببا في أزمات البلاد ها هو يريد التحاور مع كل رؤساء الحكومات السابقين الستة وإن لم يحضر سوى ثلاثة (العريض والشاهد والفخفاخ) لأن ظروف الآخرين (الجبالي وجمعة والصيد) لم تسمح لهم بالحضور ..إذن لا نبدأ بالحوار مع أهم الفاعلين السياسيين والاجتماعيين اليوم لأنهم سبب الأزمة إلا أننا نتحاور مع كل من كان العنوان الأبرز للازمة – وإن بنسب متفاوتة – خلال كامل هذا العقد الأخير !
لن نتحدث عن الخونة والعملاء وعن من يخططون لإزاحة رئيس الدولة بما في ذلك بالاغتيال ويسافرون خلسة إلى الخارج لتحقيق هذه الأهداف الدنيئة..فنحن أمام نفس الاتهامات – مضاف إليها التفكير في الاغتيال – لجهات لا نعلم بالضبط من هي ومن يقف وراءها،ولو كانت هنالك معلومات ثابتة لتوجب فورا إيقاف هؤلاء ومحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى والعمل على تغيير هيئة الدولة والتخابر مع قوى أجنبية ..
لنعد إلى مضمون الحوار الذي يقبل به رئيس الدولة : انه حوار يهدف إلى تغيير القانون الانتخابي والنظام السياسي وإنتاج دستور جديد مادامت الأقفال قد وضعت على دستورنا .
هذه هي إذن الأهداف الأساسية للحوار الوطني المنشود وما لقاء الأمس ،والذي ستتلوه لقاءات أخرى،سوى تمهيد لهذا الحوار أو حوار ما قبل الحوار .
بالنتيجة وفق المعلن من أقوال رئيس الدولة فهذا الحوار التمهيدي لن يتعرض الى المشاكل الآنية للبلاد ومنها مشكلة التحوير الوزاري المعلق منذ أربعة أشهر ونصف ولا الى اعتبار الرئيس كذلك بأن إرساء المحكمة الدستورية أضحى مستحيلا ما دمنا قد تجاوزنا الآجال الدستورية ولا على طريقة تسيير الدولة بمختلف مؤسساتها الآن وهنا ..كل هذا في ما يبدو لا يدخل ضمن الأولويات الرئاسية.
الواضح أن رئيس الدولة يريد الإعداد إلى مرحلة انتقالية / تأسيسية تنتهي بإعداد دستور جديد خارج الأطر الدستورية التي وضعها دستور 2014.
يبدو أن هذا الحوار التمهيدي الذي انطلق (؟) بتشريك كل رؤساء الحكومات السابقين..يهدف إلى تحديد هذا الإطار الانتقالي، اي كيف نضع دستور 2014 بين قوسين،تماما كما فعلنا في سنة 2011،فهل سينتج عن هذا تنظيم مؤقت جديد للسلط العمومية وحلّ(؟) للمؤسسات المنبثقة عن دستور 2014 اي أساسا البرلمان وأن لا نبقى من المؤسسات الحالية إلا رئاسة الجمهورية وهكذا نحل أزمة التحوير الوزاري بإلغاء منصب رئيس الحكومة مثلا ؟!
ولكن أيّا كانت الأفكار التي تخامر رئيس الجمهورية ومآلات هذا «الحوار» التمهيدي وقبول رؤساء الحكومات السابقين المشاركة فيه من عدمه فنحن بعيدون كل البعد عن حوار يحل معضلات الآني المستعصية بل يتركها على حالها وإلى حالها .
سوف ينبري أنصار كل المتخاصمين اليوم في الساحة السياسة إلى الهتاف بأننا أمام الحل المنقذ الوحيد للبلاد أو اتهام رئيس الدولة بالسعي إلى قبر التجربة الديمقراطية وسوف يتبارى الأنصار والخصوم في الحصص التلفزية والإذاعية وتأخذهم جميعا الحماسة كل مأخذ،ولكننا لن نجد جوابا واحدا حول ما الذي نفعله اليوم ؟ وكيف نتجاوز - ولو بمقادير- أزمة المؤسسات وكيف نعمل جميعا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه اليوم اليوم وليس غدا ..؟
فعلا لقد بلغ السيل الزبى !!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115