اذ يبدو ان قوات الامن ضاقت ذرعا من الشعارات التي رفعت امس في شارع الحبيب بورقيبة والتي تنتقدها.
شعارات رفعها المحتجون للتنديد بما شهدته منطقة سيدي حسين من وقائع نقلتها وسائل الاعلام المحلية والدولية وشبكات التواصل الاجتماعي خلال الاسبوع الجاري تظهر الاستعمال المفرط للقوة في مواجهة المحتجين على مقتل ابن حيهم في مطاردة امنية.
اللجوء الى القوة المفرطة لمجابهة الاحتجاجات اضيفت اليها في واقعة سيدي حسين تجريد طفل دون 16 سنة من ثيابه وسحله وتعنيفه من قبل اعوان امن على مرأى الجميع، في مشهد صادم نقل العنف الهمجي لأعوان امن تعمّدوا اذلال طفل والحط من كرامته.
مشهد كان محرك المحتجين امس السبت في شارع الحبيب بورقيبة، حيث توافد المئات منهم على الشارع ليحتجوا ضد اعوان الامن وينددوا باستمرار سياسة الافلات من العقاب التي تسببت في تفاقم التجاوزات المرتكبة في حق المواطنين من قبل عناصر امن بالزي النظامي او المدني.
غضب دفع ببعض المحتجين الى تصعيد حدة خطابهم وشعاراتهم التي تستهدف اعوان الامن كما دفع بعضهم الى التدافع مع الحاجز الامني في محاولة للتقدم صوب وزارة الداخلية، وهذا يبدو انه كان كافيا لتنفجر الاوضاع امس.
اذا فقدت قوات الامن انضباطها واستهدفت المحتجين بالضرب، سواء بالعصي او بقوارير المياه التي القيت عليهم والحجارة، لننتقل من مسيرة احتجاجية الى اشتبكات بين متظاهرين وقوات الامن التي فرقت المسيرة وألقت القبض على بعض المحتجين وعنفت الكثير منهم وطاردتهم في ازقة العاصمة وشوارعها.
تصّرف تبرره الاطارات الامنية بانه نجم عن حدة استفزازات المتظاهرين لأعوان الأمن اضافة الى انحراف المسيرة من الاحتجاج الى تعمد الاضرار بملك الغير في إشارة الى الضرر التي تعرضت له عدة مقاه في الشارع الرئيسي للعاصمة.
حجج تدرك الاطارات الامنية انها واهنة لا يمكنها ان تبرر التجاوزات الواقعة امس، بل انها قد تعمق الازمة وتفاقم الغضب من ممارسات الاجهزة الامنية في مجابهة التحركات الاجتماعية وتكشف ان وزارة الداخلية اهدرت على نفسها وعلى تونس فرصة كانت ملائمة لإعلان بداية التغيير والإصلاح في العقيدة الامنية ومنهجية التعاطي مع الاحتجاجات ورسم ملامح علاقة جديدة بين المواطن والأمن.
ما حدث أمس، لا يمكن ان يبرر بسقوط قوات الامن في فخ استفزاز المتظاهرين، او بلوغهم منتهى قدرتهم على الاحتمال اذ ان هذه الحجج ليست فقط واهنة بل مخجلة في حق وزارة الداخلية قبل غيرها. فهي تقر دون قصد منها ان الفشل اصاب منظومة التكوين وان التقاليد الامنية التي ارسيت منذ عقود لازالت هي المحدد في عملها وهذا معناه انها عجزت عن الالتحاق بالثورة وبمسار الانتقال الديمقراطي.
اليوم بات ضروريا على الجميع اعادة بناء كل شيء تقريبا، ومن ضمن ذلك العقيدة الامنية ومضمون التدريب والتكوين الذي يتلقاه الأمنيون بمختلف اسلاكهم والانطلاق في مسار اصلاح العلاقة بين المواطنين والامن، يمر بمراحل عدة، تفترض ان تنخرط وزارة الداخلية فيها بشكل جدي وشجاع.
وأول ما وجب النظر في اصلاحه هو التكوين والتهيئة النفسية لعناصر الأمن اذ لا يعقل ان يسمح لعناصر الامن بان تمارس ردود افعال او ان تنجرف في الردود الانفعالية. اذ وجب ان يقع اعداد عناصر الامن للتصرف بطريقة مغايرة تقوم على التحكم في الانفعالات في النهاية عون الامن هو عنصر في جهاز حامل للسلاح. مهمته انفاذ القانون وتطبيقه. وهو ما يعنى انه مطالب بالتصرف وفق هذا، وان اخطأ وانفعل وارتكب الانتهاكات يساءل ويحاسب لانه اراد ام لم يرد يمثل احد اجهزة الدولة.والدولة ليست كائنا عاطفيا يفعل وينفجر غضبا في وجه مواطنيه. بل هي كائن عقلاني او هذا ما يفترض تحسن ادارة الشأن والفضاء العام وفق قواعد ونواميس لا تصادر حق الانسان بل تحميه.
ولا يقف الامر عند نواقص التكوين، بل في ادارة الجهاز الأمني اذ لا يعقل ان يقع الجز بمختلف اسلاك الامنية لمجابهة المحتجتين بل وجب ان تشرع الوزارة في اعداد فرق مختصة ترافق الاحتجاجات وتؤمنها كما تؤمن املاك الغير وحرمتهم.اي ان الوزارة اليوم عليها ان نظر بجدية في احداث هيكل امني او فرقة مهامها محددة في مرافقة الاحتجاجات والتعامل مع الحشود. هنا قد تكون وحدات التدخل المختصة هيكلا بديلا لكن هذا مقترن بإعادة تكوين افرادها وتدريبهم.
اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن: متى يُستوعب الدرس ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:27 14/06/2021
- 932 عدد المشاهدات
مرة اخرى لجأ الامن التونسي يوم امس الى العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين الذين انهالت عليهم عصي الامن لتفرقهم.