وباء الكورونا: 227 حالة مؤكدة، والبقية كم ؟! لنكن جديين ولنستعد إلى الأسوإ

من يوم إلى آخر نتأكد أننا بصدد اتباع نهج التفاقم المستمر للانتشار عدوى فيروس الكورونا المستجد الذي عرفته جل بلدان العالم

ولكن بتأخير اسبوعيين او ثلاثة وبدرجة من الاضرار البشرية اقل حدّة الى حدّ الآن..
لا احد يستطيع ان يتكهن بما ستكون عليه الحالة الوبائية محليا او عالميا بعد اسابيع او اشهر لا لغياب النمذجة الرياضية، فنحن لسنا امام كائنات افتراضية رياضية او تجربة فيزيائية او كهربائية لنتكهن بدرجة عالية بمالات الامور في المستقبل بل لاننا امام كل تعقيدات الحياة سواء تعلق الامر بالدورة الطبيعية لفيروس الكورونا المستجد أو بسلوكيات الانسان ودورها الكبير في تغيير المعادلة نحو السلب او الايجاب.

فعندما نقول منذ اكثر من اسبوع بان الحالات المؤكدة ستكون بالمئات في نهاية مارس وبالالاف في نهاية افريل فنحن انما نشير الى تطور لاحق وفق نتائج التطور السابق ليس الاّ، وهذه النمذجة ضرورية حتي لا نتحرك في هذا المجال دون فرضيات وسيناريوهات يحتمها التطور المحتمل لهذا الوباء وطنيا ودوليا.
اذن ومع الحذر الواجب نقول بان القادم سيكون اسوأ من الحالي خاصة ونحن لا نعلم الى حدّ الآن ماهي نسبة التمثيلية الحقيقية لعدد الاصابات المؤكدة لكل حالات الاصابات غير المشمولة ، الى حدّ الآن بالمنظومة الاحصائية الطبية في تونس.

جل الخبراء والمسؤولين يقرون اليوم بان عدد الاصابات الفعلية قد يكون اضعاف أضعاف عدد الاصابات المؤكدة والمنتظر من العينة الواسعة التي ستعتمدها السلط العمومية في الايام القادمة ان تعطينا صورة اقرب الى الدقة عن الوضعية الوبائية الحقيقية في بلادنا.
ولكن الواضح منذ الان ان الوضعية حرجة وان منظومتنا الصحية بدأت تجد في صعوبات متزايدة فما بالك عندما تكون الاصابات بالالاف والحالات المستوجبة للعلاج بالمأت.

لا يجب ان نقسو على انفسنا فكل اجهزة الدولة التونسية بصدد بذل قصارى الجهد، وكل منظومتنا الصحية تشتغل بتفان كبير وما ينقصها اليوم، مع المعدات والمستلزمات الطبية بأصنافها ، هو احكام التصرف العقلاني الشامل في كل الامكانيات والمتاحات وهذا مسار لابدّ له من تجربة وزمن قد تظهر فيه اخطأ وسوء تقدير والأمر هنا طبيعي للغاية.
لا أحد يعلم كم ستستمر فاعلية دورة عدوى فيروس الكورونا ونجاحنا في تونس بداية وفي العالم بأسره مرتبط بالإجابة على هذا المجهول الاول، ولكن الجديد في عدوى ها الفيروس المستجد هو ان اثاره لن تكون فقط صحية بل ستكون اقتصادية ومالية واجتماعية وثقافية ايضا، والإشكال الرئيسي هنا ليس في السؤال : كيف ستكون الحياة بعد الكورونا؟، ولكن في شروط الاستمرار الادنى للحياة زمن الكورونا وحدة فاعلية هذا الوباء...

ماهي قدرة بلادنا على الصمود لو تواصل تفاقم انتشار العدوى اسابيع طويلة اخرى؟ ونقصد هنا القدرة في المقاومة الطبية والقدرة على اقناع الناس بضرورة مواصلة حجر شامل وبشروط اكثر صرامة، وقدرة المؤسسات الاقتصادية، بمختلف احجامها ، على البقاء وقدرة المالية العمومية على الايفاء بكل هذه التعهدات الجديدة مع موارد اقل بكثير حتى لوعلقنا بالكامل تسديد ديون الدولة؟

لا شك أن كل الجهد منصب اليوم تونسيا على الا نصل الى هذه السيناريوهات الكارثية والامل معقود ان نتمكن خلال الشهر القادم من التحكم في انتشار العدوى بفعل تطبيق صارم للحجر الصحي والذي قد يتواصل الى نهاية افريل القادم.
ولكن وكما سعينا الى الاستباق قدر الامكان ونحن في بداية العدوى لابد ان نواصل في هذا النهج وان نتوقع الاسوأ حتى نحكم ردنا الجماعي عليه ومنذ الان وحتى نعود انفسنا على عقلنة التصرف في كل مواردنا وامكانياتنا.
وحدها التحديات الكبرى تخلق الشروط الجديدة للنهوض والتقدم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115