خاص: أرقام التجارة الخارجية في الثلاثي الأول لسنة 2019: تحسن في نسبة التغطية (%75.1) وعجز تجاري يناهز 4 مليار دينار رغم ارتفاع في نسق التصدير

• تراجع في زيت الزيتون وارتفاع ملحوظ في الفسفاط
بعد أيام قليلة يصدر المعهد الوطني للإحصاء نتائج التجارة الخارجية للثلاثي

الأول لسنة 2019 وقد تمكنا من الحصول ،بصفة حصرية،على أهم الأرقام التي تفيد تحسنا في نسبية التغطية بـ%75.1 وهي أحسن نسبة تغطية للثلاثي الأول على امتداد هذه السنوات الأخيرة .. نسبة تحتاج للتأكيد خلال الأشهر القادمة حتى نعلم هل نحن إزاء تحسن ظرفي أم هيكلي ..
في مواسم عديدة لعبت المنتجات الفلاحية والغذائية ، وخاصة زيت الزيتون ، دورا هاما في الحد من عجز مبادلاتنا التجارية أما هذه السنة فنسجل تراجعا هاما في مداخيلنا من زيت الزيتون لهذا الثلاثي الأول بحوالي 332 مليون دينار وبتراجع قدرت نسبته بـ%42.8 ،في المقابل حققت المنتجات الفسفاطية قفزة استثنائية بـ173 مليون دينار وبنسبة تبدو خيالية (%75.8) وفي الحقيقة لا يعود هذا الرقم لسنة استثنائية في الفسفاط بقدر ما يفسر ببداية سنة كارثية في هذا القطاع في 2018.

نفس الأمر نلاحظه في قطاع الطاقة الذي تطور بـ%31.8 ولكن الأهم من ذلك هو تواصل تطور قطاعات إستراتيجية في الصناعة التونسية ونقصد هنا بالأساس الصناعات الميكانيكية والكهربائية والتي تمثل لوحدها %44 من جملة صادراتنا بـ5237 مليون دينار لهذا الثلاثي وقد تطور التصدير في هذا القطاع بـ%18.4 أما القطاع الثاني فهو النسيج والملابس الجاهزة والجلود والأحذية والذي يمثل لوحده %22.3 من جملة صادراتنا وقد تطور بدوره بنسبة %16.2 مقارنة بالثلاثي الأول من السنة الفارطة .

فكما ترون يمثل هذان القطاعان الصناعيان ثلثي إجمالي صادراتنا أما لو جمعنا كل قطاعات الصناعات المعملية فسنجد أن نسبتها في التصدير الإجمالي تبلغ %78، هذا لمن يعتقد أن تونس ليست بلدا صناعيا وأن الصناعة فيه لا تمثل شيئا يذكر !!

واللافت للنظر هنا أن تصدير الصناعات المعملية قد ارتفع في هذا الثلاثي الأول بـ%19.4 بالأسعار الجارية أي أن مداخيله من العملة الأجنبية قد تحسنت ولو بصفة بسيطة رغم تواصل تراجع الدينار وهذا يعني أن كل تخطيط مستقبلي لتحسين التصدير لابد أن ينطلق من دعم كل هذه القطاعات الصناعية المشغلة لليد العاملة والخالقة للقيمة المضافة ، وأن إستراتيجية تهدف للرفع من مواردها المادية والبشرية وتحسين الجودة والإنتاجية والابتكار والتجديد التكنولوجي من شأنها أن تجعل من الصناعة قاطرة فعلية وجدية لتنمية البلاد كما أن حلا جذريا ونهائيا لتعطل الإنتاج في الصناعات الاستخراجية (الفسفاط والمناجم والنفط والغاز ) من شأنه لو حصل أن يقلص بصفة هامة من عجز ميزانه التجاري ومن تعريض اقتصاد البلاد لاضطرابات سعر الطاقة في الأسواق العالمية .

ولكن رغم هذا التحسن الهام في الصناعات غير المعملية والجدي في الصناعات المعملية وما نتج عنه من تحسن في نسبة التغطية من %73.6 في الثلاثي الأول لسنة 2018 إلى %75.1 في هذا الثلاثي لسنة 2019 بحكم تطور نسق التصدير أكثر من نسق الاستيراد (%16.7 للتصدير و%14.3 للاستيراد) إلا أن العجز التجاري تفاقم مرة أخرى ليناهز في هذا الثلاثي حوالي 4 مليار دينار (3938.1 مليون دينار ) بارتفاع بـ%7.75 بالأسعار الجارية بما يفيد أن العجز مستقر نسبيا لو نظرنا إليه بالأسعار القارة . ولكن يبقى هذا العجز في مستوى مرتفع جدا وهو سيضغط حتما على مخزوننا من العملة الصعبة وسيساهم في عملية تراجع الدينار ..

النتائج الجيدة نسبيا في هذا الثلاثي الأول في تجارتنا الخارجية لا ينبغي أن تخفي عن أعيننا هذا التحدي الأبرز لتونس : كيف نتحكم في عجزنا التجاري ونعيده إلى حجم معقول ؟ وهذا لن يكون فقط بالتقليص من التوريد – وهذه ليس مسألة سهلة – بل وأساسا في تكثيف الجهد التصديري للبلاد وان تستعمل تونس كل إمكانياتها في كل القطاعات وفي نفس الوقت : صناعة معملية وصناعة استخراجية وفلاحة وصيد بحري .. لا ينبغي أن نهدر دينارا واحدا في كل هذه القطاعات لأننا سندفعه جميعا بتراجع المخزون العملة الصعبة وتدهور للدينار واقتراض أجنبي ..

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115