التامة قانونا بين الجنسين وتصل إلى التمكين الاقتصادي للمرأة بما يحقق المساواة الفعلية اقتصاديا واجتماعيا وبما يسهم في الدفع القوي للحركية الاقتصادية وللرقي الاجتماعي للجميع ..
تأتي هذه الخطة الوطنية التي أعدتها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في إطار الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة (2016 - 2030) للأمم المتحدة وهدفها هو «القضاء على الفقر والتهميش والتمييز ودفع التنمية المستدامة» وذلك يقتضي بطبيعة الحال مسألتين ضروريتين : المساواة القانونية الشاملة والكاملة بين الجنسين من جهة والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمرأة من جهة ثانية ..
والمقاربة هنا مزدوجة كما ترون فهي تتأسس على مزيد من الحقوق باتجاه المساواة الكاملة ثم بعدم الاكتفاء بالمساواة القانونية بل تحويلها إلى مساواة اقتصادية واجتماعية فعلية وهنا لابد من الإقرار أننا مازلنا بعيدين جدا عن هذه المساواة
يكفي أن نعلم أن النساء لا يشكلن سوى %28 من السكان النشيطين وأنه رغم ذلك فالبطالة مضاعفة عندهن بالنسبة للرجال سواء كان ذلك على المستوى الوطني او على مستوى حاملي الشهادات العليا .. وهذا يعني أن التفوق المدرسي للإناث وتمثيلهن لحوالي ثلثي الخريجين سنويا من الكليات والمعاهد العليا وذلك منذ سنوات عديدة لم يتحول بعد إلى واقع اقتصادي والى إدماج في السكان النشيطين فلو كانت نسبة النشيطين متساوية بين الجنسين لإنضاف إلى هذا الصنف أكثر من مليون ونصف نسمة ما بين أجراء وتجار ومهن حرة وباعثين وفلاحين الخ، ولانعكس هذا بكل قوة على نسق النمو وعلى خلق الثروة بالنسبة للبلاد قاطبة .
ورغم كل هذه الأرقام فإن هنالك بعض المؤشرات الايجابية منها أن نسبة النساء المنتفعات بقروض لبعث مشاريع اقتصادية قد تضاعفت في خمس سنوات فقط إذا انتقلت من %24.8 في سنة 2011 لتصل إلى %46.3 في سنة 2015 كما أن النساء هن الأكثر إقبالا على القروض الصغرى والأكثر نجاحا في هذه النشاطات أيضا ..
من هنا تتضح الأهمية البالغة للمساواة القانونية التامة والفعلية بين الجنسين، ومن بينها المساواة في الميراث لكي نيسّر فرص التمكين الاجتماعي للنساء وخاصة في الأوساط الريفية والشعبية فنسبة النساء المالكات لعقار فلاحي لا تتجاوز %7 حسب احدث الدراسات ويعود ذلك في جزء هام إلى حرمانهن من تملك الأراضي بواسطة الميراث وانحصار ذلك ، إلى اليوم، وفي مناطق عديدة من البلاد في الذكور فقط ..
هذا دون الحديث عن ظروف عمل المرأة الريفية وعدم تأجيرها عندما تشتغل في الضيعة العائلية بالاضافة إلى تعرض النساء عامة إلى الهرسلة والى العنف إذ تعلن حوالي نصف النساء في بلادنا (%47.6) بأنهن قد تعرضن لصنف من أصناف العنف مرة واحدة على الأقل ..
المشروع الحكومي الذي تم تبنيه يوم أمس مشروع طموح يهدف إلى معالجة التمييز ضد النساء معالجة شاملة في إطار الأهداف السبعة عشر للأمم المتحدة تنطلق من المساواة القانونية وفي هذا سيكون لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة دور أساسي لكي تنطلق منه مبادرة أو مبادرات تشريعية لتنزيل هذه المقترحات ولإدراجها في ترسانتنا القانونية ثم تؤسس على هذا بجملة من السياسات العمومية تهدف كلها الى التمكين الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمرأة ..
تونس تتقدم رغم الأزمة السياسية الخانقة وانسداد الأفاق لجزء من شبابنا ..
وتونس لن تتقدم إلا بنسائها ورجالها معا ..