وبما أننا مازلنا نعتمد على رؤية الهلال في تحديد بدايات الأشهر القمرية فالانتخابات ستكون قبل هلال شهر رمضان في انتظار اتفاق من اختاروا إستراتيجية عدم الاتفاق فيما هو حيوي لكل منظومة ديمقراطية على أحد أيام الأحد من 8 أفريل (تجنبا للأحد غرة أفريل حتى لا تكون أكذوبة ثالثة) إلى الأحد 13 ماي ..
الاتفاق الوحيد اليوم في تونس هو أنه لا يمكن تأخير موعد الانتخابات البلدية بعد هذه الفترة لأنه إعلان عن تأجيل غير مسمى لها وإعلان عن إخفاق سياسي عام تتحمل مسؤوليته أطراف عديدة في الحكم وخارجه..
ينعقد اليوم لقاء تشاوري بين هيئة الانتخابات والأحزاب وممثلي الرئاسات الثلاثة وكل ما نرجوه هو أن تتفق كل هذه الأطراف على موعد نهائي وان يتم اثر ذلك نشر الروزنامة المحينة في الرائد الرسمي وان يصدر رئيس الدولة الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين حتى ننهي مسلسلا تراجيديا كوميديا دام أكثر بكثير من المعقول..
نحن نعيش على امتداد هذه السنة الكاملة على وضع لعبة «البوكير» الكاذب بين هيئة الانتخابات وأحزاب الحكم وأحزاب المعارضة وأحزاب المنزلة بين المنزلتين،لعبة القاعدة فيها الاعتراض على ما يقوله الآخرون وما يقترحونه من موعد للانتخابات..ففي كل مناسبة تقول الهيئة إنها جاهزة ولكن يعلم الجميع أن جهوزيتها بعد استقالة رئيسها واثنين من أعضاء مجلسها نسبية جدا إلى اليوم وذلك رغم استكمال تركيبتها وانتخاب مجلس نواب الشعب لرئيس لها ،ونحن لا نتحدث عن الخلافات التي دبت بين أعضاء الهيئة بل عن اللوجستيك الإداري وعن انتداب الإطارات والموظفين في إدارتها المركزية وكذلك في فروعها الجهوية..ولأسباب نجهل جزءا منها لم ترد هيئة الانتخابات أن تتحمل ولو جزئيا احتمال تأثير عدم جهوزيتها النسبية على تحديد موعد نهائي للانتخابات البلدية..
في المقابل تدعي كل الأحزاب أنها «جاهزة» لهذا الموعد وجلها يتمنى ألا تقع الانتخابات البلدية لأن كل واحد فيها يخشى هذا الامتحان الضخم أمام الرأي العام.فهو مطالب بتوفير حوالي ثمانية آلاف مترشح بشروط دقيقة للغاية اذ لا يترشح عن دائرة ما إلا من هو مرسم بها علاوة على التناصف الافقي والعمودي ووجود نسبة معينة من الشباب ومن ذوي الاحتياجات الخصوصية ، كل هذا يضع كل حزب أمام اختيار صعب عندما نعلم أن خمسة أحزاب فقط تمكنت في تشريعية 2014 من التواجد في الدوائر الثلاث والثلاثين رغم مرونة الشروط والعدد المحدود للمقاعد (217) فكيف سيكون الحال مع اكثر من 7200 مرشح أصلي وعدة مئات من القوائم التكميلية في 350 دائرة وبالشروط التي ذكرنا ؟
ثم إن ننسى فلا ننسى عتبة %3 التي تقضي بعدم احتساب أصوات أية قائمة لم تبلغها..فجلّ الأحزاب قد تخسر الكثير في هذا الصنف من الانتخابات ولذلك نراها تفضل خوض التشريعية والرئاسية وإن لزم أن يكون ذلك كل سنة ،أما البلدية والجهوية فلا.. وبالطبع وفي إطار هذا «البوكير» الكاذب لا تقول هذه الأحزاب بأنها غير جاهزة بل تتعلل بعوامل -بعضها جدي جدا – لتقول بأنها جاهزة ولكن البلاد غير جاهزة..
أما أحزاب الترويكا الجديدة فتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى..النهضة ..تخشى..من الفوز ..لأنها لا تريد أن تصبح من جديد الحزب الأول في البلاد فتكون بذلك هدفا لكل الهجومات والتهجمات..النهضة تبحث عن حماية ،وذلك لن يتأتى لها إلا متى كانت دوما الحزب الثاني بعد نداء تونس..
يدعي نداء تونس انه جاهز للانتخابات البلدية والحقيقة غير ذلك فهنالك خلافات جهوية ومحلية هامة حول القوائم وتخشى القيادة الحالية الملتفة حول حافظ قائد السبسي أن تكون الخطوة الأولى - تقديم القائمات،تدميرا للتحالفات الهشة بين مختلف المكونات المتبقية في النداء ولذا يحتاج الحزب إلى شهر إضافي علّه يحزم أمره..
اليوم أضحى التأجيل الثاني لموعد الانتخابات تقريبا من تحصيل الحاصل،والأهم في هذا الإطار أن يخرج اجتماع اليوم بين كل مكونات المشهد الانتخابي باتفاق بات ونهائي..اتفاق يدعمه امر رئاسي لدعوة الناخبين حتى نضع حدّا لهذا «البوكير «الكاذب وحتى نكتشف بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف حقيقة المشهد الحزبي الجديد للبلاد