لقد كانت الحلقة الأولى مع انتخابات أكتوبر 2011 حيث انهزمت أحزاب لها عراقة نضالية في البلاد، كالحزب الديمقراطي التقدمي مثلا، ودخلت في سلسلة من الانشقاقات رغم رغبة التجميع التي عبّر عنها بتأسيس الحزب الجمهوري... ثم رأينا كيف انقسمت الأحزاب التي تحالفت مع النهضة إلى حد الاندثار كالتكتل وبدرجة أقل المؤتمر من أجل الجمهورية وإن كان هذا الأخير قد انتعش بفضل الحملة الرئاسية لمؤسسة المنصف المرزوقي في خريف 2014... وكيف ظهرت كذلك أحزاب المال من خلال سياحة حزبية مدفوعة الأجر في الغالب...
مع الانتخابات العامة في خريف 2014 ظننا لبرهة من الزمن بأننا دخلنا مرحلة الاستقرار الحزبي... ولكن العكس تماما هو الذي حصل.. والجديد هذه المرة هو الانقسام شبه اللامتناهي للحزب الفائز، نداء تونس، ولمعارك شقوقه الصاخبة والمدوية والتي أضرت كثيرا بمؤسسات الحكم وجعلت أجزاء متعاظمة من التونسيين تعزف عن السياسة والسياسيين بل وتلعنهما لعنا...
وحتى الانشقاق الذي حصل في الحزب الأول لم يضع حدّا لعملية التذرر المتواصلة لا داخل نداء تونس بداية ولا حتى داخل الوليد الجديد الذي يشهد الآن بداية عملية انشقاق هامة وخاصة في كتلته النيابية... فعملية التفكك هذه طالت أيضا الحليف الوفي لرئيس الجمهورية الاتحاد الوطني الحر الذي شهد موجة من الاستقالات داخل كتلته النيابية وخارجها... وهذه التصدعات لم تسلم منها بقية أحزاب الائتلاف الحاكم القديم، الجديد وإن....