بعد استكمال بقية اطوار المسار الانتخابي من مصادقة الولايات على النتائج ثم انعقاد المجمع الانتخابي الذي سيعتمد نتيجة التصويت الشعبي في انتخاب ممثلي كل ولاية للرئيس.
شكلت اعادة انتخاب ترامب الحدث السياسي الاهم في الساحة الدولية خاصة وان هذه العودة كانت اثر فشله في ا نتخابات 2020 وعدم محافظته على منصبه وما نجم عن عدم اعترافه بهزيمته الانتخابية مباشرة من اعمال شغب وعنف هزت المجتمع الامريكي قبل ان تنتهي احداث العاصمة في جانفي 2021 بعد ان خلفت انقساما حادا بين الامريكين وغذت خطاب الكراهية والعنف.
بهذا الارث يعود دونالد ترامب الى البيت الابيض ومهد الى ذلك بخطابه العنصري تجاه الامريكيين من اصول افريقية واصول امريكية جنوبية واسياوية وكل الاعراق والاثتنيات باستثناء البيض القوقازيين، اضافة الى خطابه الذكوري والمؤامرتي ووعوده الانتخابية التي اذا حققها قد يسرع بإعادة تشكيل الخارطة الجغراسياسية للعالم ويعمق التواترات والهزات العنيفة التي يواجهها.
عمليات استقراء التداعيات المحتملة لاتنتخاب ترامب الرئيس الامريكي الـ47 تكشف عن تأثيرها السلبي على الاستقرار السياسي والاقتصادي في العالم، اضافة الى تداعيات ذلك على منطقة الشرق الاوسط وعلى مآلات حرب الابادة الصهيونية على غزة وعلى لبنان، خاصة وان ارث الرجل يتضمن صفقة القرن والاتفاق الابراهيمي الذي انطلق بموجبه مسار التطبيع بين دول عربية مع لاحتلال قبل ان تجمده عملية طوفان الاقصى.
وبدأت تداعيات انتخاب ترامب في الشرق الاوسط من الان باقالة وزير حرب الكيان الصهويني وكشف الاحتلال عن طموحه بضم شمال قطاع غزة واجزاء من الضفة الغربية التي تضم بؤرا استيطانية اليه بشكل كامل، مما يبين ان الاحتلال يرى في عودة ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية فرصة لكسب المزيد من الوقت لتحقيق اهدافه ورسم اهداف جديدة مع التعويل على تقديم الادارة الامريكية الجديدة لدعمها الكامل له على عكس خطابه الانتخابي القائل بأنه سينهي الحرب بسرعة مما جعل البعض يستنتجون انه سيضغط لانهائها قبل توليه المنصب في جانفي 2025.
تصور قد يصطدم بواقع مغاير يمنح فيه ترامب الاحتلال الوقت والمخرج الذي لن يختلف جوهريا عن ما تضمنته صفقة القرن من افراغ كلي لاتفاق اوسلو من مضامينه التي وعدت باقامة دولة فلسطينية، بل قد يذهب ببنود صفقة القرن الى اقصاها باحياء مسار التطبيع وهذه المرة دون الحديث عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة تكون خاضعة للاحتلال وتكون درعه الحامي.
عودة ترامب تحمل معها عودة مشروع انهاء القضية الفلسطنية برمتها وترسيخ دولة الاحتلال كقوة اقليمية لها اليد العليا في اطار تحالف موجه ضد ايران التي يجاهر ترامب بعدائه لها وبسعيه الى تحجيمها بالقوة اذا لزم الامر. هنا قد يجد في هذا التحالف الذي يتزعمه الاحتلال القوة التي تواجه ايران مباشرة.
تصور يبدو ان الاحتلال يدركه مما جعل بعض رموزه يسارعون الى الاعلان بأنهم على استعداد لمواجهة ايران مباشرة بهدف القضاء علي قدراتها وعلى مشروعها في المنطقة في ظل تصور كامل يستند الى ارث ترامب في عهدته السابقة التي قامت على محاصرة الصين وفتح حرب تجارية معها.
حرب تجارية ستستأنف بمجرد عودته للبيت الابيض وفق برنامجه الانتخابي القائم على فرض اداءات جمركية على البضائع الموردة الى امريكا وجعل هذه الاداءات ارفع في علاقة بالبضائع الصينية، مما قد يؤدي الى التوتر في العلاقات الدولية تؤدي الى ازمة اقتصادية ستنتج عن سياسات ترامب الضريبية والتي تفاقم العجز الامريكي وتهدد برفع التضخم فيه.
عودة ترامب التي يتوجس منها العالم الخلفاء قبل الخصوم، جراء ما يراه الرجل من تصور للعالم واعتباره له غابة تخضع للاقوى الذي ينفذ رغباته وارادته على الجميع الحلفاء قبل الاعداء.
عودة يرجى ان لا تحمل في طياتها اسوء كوابيسنا