خاصة منها صندوق النقد الدولي الذي طالبه النوري بمراجعة سياسته وتقييم خياراته السابقة التي ادت الى حصول ازمات اقتصادية واجتماعية في عدة اقتصاديات.
كلمة المحافظ لم تقتصر على مجرد نقل موقف السلطة السياسية التونسية سيما موقغ رئيس الجمهورية بل نقلت كذلك تصور السلطة لما يجب ان تكون عليه سياسات صندوق النقد. لدى اشارة النوري الى ضرورة التقييم والمراجعة طالب بالاخذ بعين الاعتبار في هذه المراجعة تنوع وتعقد الاوضاع الاقتصادية في كل بلد مع اوضاعه الاجتماعية.
من وجهة نظر النوري اذا اراد صندوق النقد الدولي استرجاع ثقة الدول الاعضاء عليه ان يدرك أن السياسات الاقتصادية الأكثر فعالية هي تلك التي تراعي الواقع المحلي لكل دولة عضو وجعل آليات تدخله تتلاءم مع حاجاتها وواقعها لا الاقتصار على المطالبة بسياسات تقشفية تؤدي الى الانكماش الاقتصادي والازمات الاجتماعية.
هذه الدعوة الى النظر الى الملف الاقتصادي الى جانب المعطى الاجتماعي هي المقاربة التي تتبناها السلطة التونسية، وهي العنصر الذي يعبر اليوم عن التماهي بين الخطاب السياسي الرسمي وخطاب البنك المركزي صاحب السلطة النقدية الاولى في البلاد، وذلك في ظل عودة النقاش العام حول استقلالية البنك المركزي وهل هي ضرورة ام خطر؟
نقاش عاد الى الواجهة اثر تقديم مجموعة من النواب لمشروع تنقيح القانون الاساسي للبنك المركزي بما يسمح للحكومة باللجوء الى البنك والاقتراض المباشر منه في حدود 3 ٪ من الناتج المحلي الاجمالي على ان تتجاوز فترة السداد خمس سنوات مع نسب فائدة تفاضلية.
ولا يقتصر الامر على الاقتراض المباشر بل يتطلب الامر كذلك تعديل سلطة البنك المركزي من ناحية تقليص استقلاليته التي تتجسد في سلطته الحصرية في وضع السياسات النقدية وفي تحديد اسعار الفائدة لجعل صلحياته مرتبطة بالتوافق مع الحكومة اي برضا الحكومة حتى تتوافق سياسات البنك مع سياساتها.
نقاش يحتدم اليوم في ظل سردية جديدة تعتبر ان الابقاء على استقلالية البنك المركزي خطير على سيادة البلاد ومصالحها باعتبار ان هذه الاستقلالية لم تخدم سابقا مصالح الدولة التونسية بل كانت لفائدة القوى الاجنبية التي استخدمت الاستقلالية للتدخل في الشؤون التونسية.
سردية تهدف الى تجنب النقاش حول مسألة اساسية وهي مدى سلامة ومدى تلاؤم السياسات النقدية العمومية مع التوازنات المالية اذا سحبت من الصندوق قدرته على جعل العناصر المحددة لسياساته هي التوازنات المالية المحكومة بضوابط واضحة وصارمة لفائدة التدخل السياسي الذي قد يغفل او يسقط صرامة الضوابط المالية لصالح السلم الاجتماعي او المكاسب الانتخابية كالتمويل المباشر للميزانية.
نقاش احتدم اليوم وهمين عليه الطرح الرافض لاستقلالية البنك المركزي، وهو الطرح الذي سبق ان اعلن محافظ البنك المركزي النوري عن رفضه له وذلك اثناء مشاركته في نقاش مشابه في السنة الفارطة اثير بعد اعلان البرلمان عن مناقشة البرلمان لقانون يجير بصفة استتثنائية للبنك المركزي اقراض الحكومة.
نقاش سبق ان شارك فيه المحافظ قبل ان يعين في منصبه وكان له راي يقوم على اعتبار ان استقلالية البنك ضرورية للحفاظ على سياسة نقدية ناجعة لا تخضع لرهانات السياسية للحكومة التي سبق له ايضا ان حذر من مغبة اللجوء الى البنك المركزي لتمويل الميزانية