ما بعد اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر: إلى أي حد سيدعم الغرب الكيان الصهيوني؟

طوال الساعات الفارطة تواصلت المساعي الحثيثة لمنع انجرار منطقة الشرق الاوسط الى حرب واسعة وشاملة

في ظل جهود غربية لاقناع ايران وحزب الله بتجنب التصعيد ووضع اطر للاشتباك في ردهما على عمليتي الاغتيال التي استهدفت اسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت.

جهود تقودها الادارة الامريكية التي فقدت اليوم الكثير من الزخم واوراق اللعب التي تسمح لها بمنع نشوب حرب واسعة على الاراضي اللبنيانية وهي تدرك جيدا ان نيرانها ستنتشر لتلتهم ما تبقى من اراضي المنطقة التي تعيش منذ 300 يوم على وقع حرب الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين في غزة بدعم امريكي غير مسبوق.

الحرب على غزة واستهداف الاحتلال الصهيوني للاراضي الايرانية والعمق اللبناني، يبدو انهما عناصر اجتمعت لتعيد رسم الفرضيات الممكنة التي تقبل عليها منطقة الشرق الاوسط ومستقبل الصراع فيها، لا في الصراع الفلسطيني الصهيوني فقط بل في الصراع بين الاحتلال وايران الذي بات منذ افريل الفارط صراعا مباشرا غادر مربع الظل الذي استمر فيه لعقود.

بعملية اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر التي عقبها بعد اقل من 12 ساعة اغتيال رئيس مكتب حركة حماس اسماعيل هنية، ترك قادة الاحتلال الصهيوني المجال للتأويل السياسي حول اهدافه من التصعيد الذي يتعارض مع النوايا التي يعلنها، فهو ولئن كان حريصا عبر الوسطاء الغربيين على ابلاغ رسائل واضحة وصريحة الى محور الممانعة، ايران وحزب الله بالاساس، بانه لا يرغب في توسيع الحرب ولا بالتغيير الكلي لقواعد الاشتباك التي رسمت منذ 7 اكتوبر2023 بينه وبين حزب الله، والتي بموجبها يقتصر الاشتباك بين الطرفين على المناطق الحدودية دون الانتقال الى الداخل.

قواعد اشتباك اسقطها الكيان الصهيوني باغتياله للقيادي بحزب الله في معقل الحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت، كذلك الامر في علاقة بقواعد اشتباكه مع ايران حيث تم احتواء التصعيد بينهما في افريل الفارط بمساع غربية حثيثة يبدو انها لن تكون كافية اليوم لمنع توجيه ايران وحلفائها لهجومهم العسكري الى داخل الاراضي المحتلة الفلسطينية. وهذا سيعتبر تغييرا كليا اذا وقع تنفيذه وفق التعليمات التي قدمها المرشد الايراني للحرس الثوري كذلك السلطات في بلاده بضرورة توجيه ضربة عسكرية مباشرة في عمق الاحتلال ردا على اغتيال اسماعيل هنية، الضيف الرسمي لايران.

مشهد كلما اتضحت ملامحه ازدادت تعقيدا وغموضا، فالاحتلال وقادته حرصوا خلال الساعات الفارطة على ان يسوقوا لدخول الولايات المتحدة الامريكية الحرب في صفهم اذا استهدفتهم ايران، وهذا التسويق الهدف منه خلق حالة من الردع تمنع اي رد عسكري من محور الممانعة يتجاوز قواعد الاشتباك القديمة، بالمناوشات المحدودة في المناطق الحدودية وتجنب توجيه ضربات الى المنشآت الحساسة او المدنين.

قواعد يرغب الاحتلال اليوم من حزب الله البناني وباقي حلفاء ايران في الالتزام وترك امر اقناعهم الى الموفدين الغربيين الذي فقدوا اليوم مصداقيتهم خاصة بعد نقلهم لرسالة الاحتلال بانه لن يستهدف بيروت ولا المدنين في رده على هجوم «مجدل شمس» وتقديمهم للضمانات بان ذلك لن يقع، ليستهدف الاحتلال ما قال انه يعتبره خطوطا حمراء.

مهمة وفود حلفاء الاحتلال الى المنطقة الرامية لنزع فتيل حرب لن تكون كسابقاتها. العمليتان اللتان نفذهما الكيان الصهيوني ومسعاه الى تسويقهما على انهما نجاح عسكري واستخبارتي يبين ان له اليد العليا في الصراع، تواجه اليوم اولى عقباتها وهي عجزها عن ضمان عدم اقدام الاحتلال على التصعيد او تنفيذ عمليات في المستقبل، فرئيس وزارء الكيان واثر عودته من زيارته الى واشنطن يبدو انه ادرك ان الافضلية التي منحت له من قبل الادارة الامريكية التي تستمر في دعمه المطلق رغم انكبابها اليوم على الانتخابات التي يبدو ان نتياهو يرغب في فوز دونالد ترمب بها لتحقيق ما عجز عنه خلال الاشهر الفارطة من تنفيذ اجندته المتطرفة.

رهانات الاحتلال تجعله الطرف الوحيد المسؤول اليوم عن منع اندلاع حرب واسعة في المنطقة، والتي لا يمكن تجاوزها اليوم الا بوقف لاطلاق النار في غزة، وهذا بات ابعد مما كان عليه قبل اغتيال هنية، فاستهداف المسؤول الاول عن عملية المفاوضات غير المباشرة لابرام صفقة تبادل الاسرى، لا تنسف فقط ما سبقها، بل وتجعل المقاومة في غزة امام خيارات محدودة تتمثل في الاستمرار في القتال وفتح جبهات جديدة.

جبهات اذا فتحت ستكون بمثابة الاعلان عن حرب واسعة وشاملة، باتت القوى الدولية اليوم تنظر اليها على انها اقرب من اي وقت مضى، على غرار روسيا والصين اللتين يبدو انهما باتتا تتهيآن لكل السيناريوهات المتوقعة خاصة اذا تعلق الامر بدخول الولايات المتحدة الامريكية في حرب مباشرة ضد ايران دعما للاحتلال الصهيوني

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115