باشراف الرئيس الصيني الذي وجه دعوة خاصة الى ثلاثة رؤساء وملك عربي وهم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرؤساء قيس سعيد و عبد الفتاح السيسي ومحمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات.
دعوة استجاب اليها رئيس الجمهوية قيس سعيد الذي غادر البلاد امس متجها الى العاصمة الصينية للحضور كضيف شرف في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي مرت 20 سنة على انعقاد اول دورة له والتي احتضنتها القاهرة، واربع سنوات على دورته التاسعة التي عقدت عبر تقنية الفيديو في 2020.
منتدى تراهن عليه الصين التي احسنت استثمار السنوات العشر الاخيرة لابرام اتفاق شراكة استراتجية شاملة مع 12 دولة عربية كانت اولهما الجزائر ومصر في 2014، مما مكنها من ان تكون الشريك الاقتصادي الاول لجل الدول العربية التي قدر حجم التجارة بينها وبين الصين باكثر من 430 مليار دولار في 2022 بعد ان كانت في عام 2004 ، عندما تأسس منتدى التعاون العربي- الصيني، 36,7 مليار دولار. وقد تضاعفت المبادلات التجارية وتضاعف معها حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية الـ22، ليبلغ في 2022 اكثر من 250 مليار دولار.
هذه الارقام مهمة لادراك حجم التعاون الاقتصادي الصيني العربي. قراءات الاحصائيات الاقتصادية الصينية التونسية على اساسه تبرز الخلل الهيكلي في التعاون التبادل التجاري الصيني التونسي الذي لم يكد يصل الى 9 مليارات دينار اي اقل من 3 مليارات دولار جلها تشكل حجم الصادرات الصينية الى السوق التونسي المحدود من حيث عدد المستهلكين او من حيث القدرة الشرائية الفرد.
سوق صغيرة ومحدودة أثرت بشكل جلي على كل جوانب العلاقات الصينية التونسية التي لم تحدد السلطات التونسية الحالية تصورها لها بعد كما لم تحدد رؤيتها الاستراتيجية لها، سواء أتعلقت بالجانبين الاقتصادي والاستثماري ام بالسياسي والدبلوماسي.
تونس التى ينتظر ان يجمع بين رئيسها قيس سعيد والرئيس الصيني شي جين بينغ لقاء ثنائي اثر جلسة افتتاح المنتدى، وفق بلاغ وزارة الخارجية الصينية التي أشارت فيه الى ان اللقاء سيخصص لـ«تبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». ومنها القضية الفلسطينية.
لقاء لا تحمل المؤشرات الصادرة من الجانب التونسي اية اشارات صريحة بانها اعدت له تصورا استراتيجيا او اقتصاديا او سياسيا يهدف الى تحديد طبيعة العلاقات التونسية الصينية الثنائية ومدى قدرة البلاد على الاستفادة من الآليات التي تجمعها بالصين على غرار الآليات العربية او الافريقية.
آليات سمحت بعقد لقاء سابق بين الرئيس قيس سعيد والرئيس الصيني في الرياض سنة 2022 على هامش القمة العربية الصينية الاولى، الا أن اثر ذلك اللقاء لم يحقق اي تغيير جوهري او بداية تغير في العلاقات التونسية الصينية رغم التلميحات التي صدرت بشأن توجه تونس نحو تنويع شراكاتها وعلاقاتها الدولية.
رغم التصريحات الرسمية لم يتغير التعاون عما كان عليه منذ سنوات سواء قبل ابرام مذكرة التفاهم بشأن مبادرة الحزام والطريق في 2018 والتي لم تغير ولو قليلا من حجم الاستثمارات الصينية في تونس والتي بلغت 32 مليون دولار، اي اقل من 100 مليون دينار تونسي.
علاقات ثنائية تبرز في التصريحات على انها قوية وتتطور اما على ارض الواقع فلازالت محدودة رغم الخطوة التونسية التي قطعت في اتجاه الصين في جانفي الفارط حينما قال الرئيس سعيد في جانفي الفارط لدى استقباله لوزير الخارجية الصيني على هامش جولته الافريقية إن «تونس ملتزمة بشكل واضح بمبدإ الصين الواحدة». وذلك في اشارة الى قضية تايوان.
هنا يتضح ان التقارب السياسي الذي يشتد وفق السياق الداخلي والدولي لا يعني كليا قدرة البلاد على الاستفادة من الفرص المتاحة اقتصاديا امامها في علاقة بالصين، ذلك أن حجم السوق محدود مع غياب آليات عمل مشترك مغاربية مما يفقد البلاد الكثير من عناصر القوة في ادارة علاقتها الدبلوماسية البينية ويجعلها امام حتميات عديدة