تضمن إتهامات لجهات أمنية بارتكاب جرائم اختطاف وتعذيب وقتل: هيئة الحقيقة والكرامة تؤكد أنها لـم تخرق سرية التحقيقات وأن تقريرها سُرّب

تضمن تقرير أعدته هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص الإختفاء القسري في تونس إتهامات لاجهزة أمنية ومراكز في مناطق متفرقة من البلاد بالضلوع في عمليات اختطاف وتعذيب وقتل وهو ما يُعتبر خرقا لسرية التحقيقات في الإنتهاكات وفق الفصل 40 من القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية.

ولكن هيئة الحقيقة والكرامة أكدت انها لم تنشر التقرير بل فقط أعدته استنادا لشهادات عائلات المختطفين والمختفين نزولا عند طلب وزارة العلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية وقد وقع تسريبه.

كشفت أمس هيئة الحقيقة والكرامة انها تلقّت 36 ملفا لحالات إختفاء قسري حدثت أغلبها في الفترة الممتدة بين سنة 1991 وسنة 2008 خلافا لحالتين فقط كانتا خلال بداية السبعينات وتتمثل حالات الإختفاء القسري التي بلغت هيئة الحقيقة والكرامة في إختفاء أشخاص دون معرفة مصيرهم الى حدّ الساعة او انهم احتجزوا لسنوات وأفرج عنهم لاحقا دون محاكمة بالإضافة الى حالات اختفاء جماعي.

كل حالات الإختفاء القسري التي تلقت هيئة الحقيقة والكرامة شكاوى بخصوصها اوردتها في تقرير خاص بتاريخ 30 نوفمبر 2015 اطلعت عليه «المغرب» وتضمن حالات الاختفاء حالة بحالة مع سرد وقائع الاختفاء بالتفصيل في بعض الأحيان مع ذكر الجهة المتهمة بالاختطاف وهي في غالب الأحيان مراكز امن بمناطق متفرقة من الجمهورية في ما عدا حالة اختفاء جماعي لـ43 شخصا منهم 39 جزائريا و3 تونسيين ومغربي في 2008 وقد أورد تقرير هيئة الحقيقة والكرامة ان المسؤولين عن اختفائهم هم «الحرس البحري والوحدات الأمنية الراجعة لها بالنظر والوحدات الأمنية المكلفة بالسجون والاعتقالات السريّة».

ولكن هذا الكشف عن تفاصيل حالات الاختفاء القسري والمتهمين بالقيام به يُعتبر في الحقيقة خرق للفصل 40 من القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية خاصة في ما يتعلق بـ»الحفاظ على السرية» الذي يؤكد عليها الفصل ولكن عضو هيئة الحقيقة والكرامة علاء بن نجمة أكدت لـ»المغرب» ان التقرير لم يُنشر من طرف الهيئة إنما وقع تسريبه.

ووفق بن نجمة فقد أعدت الهيئة تقرير الإختفاء القسري بالاستناد الى الملفات والشكاوى التي وصلتها بطلب من وزارة العلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية في إطار الإعداد لمشاركة تونس لمناقشة تقريرها حول الاختفاء القسري امام اللجنة الاممية المعنية يومي 7 و8 مارس الجاري بجنيف وقد سلمت التقرير الى الوزارة فقط ولا يمكن ان تتحمّل تبعات تسريبه.

التحقيق لا يزال متواصلا
رئيسة الهيئة سهام بن سدرين تعرضت خلال ندوة صحفية عقدتها الهيئة أمس لإتهام الهيئة بخرق الحفاظ على سرية التحقيقات في الانتهاكات الذي ينص عليه الفصل 40 وأكدت ان الجهات والتي في غالبها أمنية وذكرها التقرير ووضعها على لائحة الإتهام بإرتكاب الإختطاف ليست من استنتاجات الهيئة إنما كانت وفق ما أدلت به عائلات المختفين خلال جلسات الاستماع التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة وهي شهادات لا ترتقي لان تكون حقائق ثابتة ونهائية ولكن الأبحاث التي لا تزال متواصلة ستكشف كل الحقائق بخصوص حالات الاختفاء القسري التي عرفتها تونس.

ومن ابرز حالات الاختفاء القسري ذكرت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين حالة اختفاء كمال المطماطي في التسعينات وقد أكدت أن الأجهزة الأمنية في العوينة فتحت تحقيقا في القضية بعد الثورة وإكتشفت أنه تم اختطاف كمال المطماطي وتعذيبه ثم قتله ورغم ذلك واصلت «الجهات» التي قامت بذلك ملاحقة عائلته والتحقيق معها رغم موته بهدف إخفاء الحقيقة.

ورغم مصادقة تونس على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بمقتضى المرسوم عدد 2 لسنة 2011 المؤرّخ في 19 فيفري 2011 فإنه والى حد اليوم لا يوجد اي قانون يجرم الاختفاء القسري وهو ما طالبت به بن سدرين واكدت ان اللجنة الاممية كذلك شددت على أن تونس مطالبة اليوم بوضع قانون يجرم الإختفاء القسري، ويُذكر ان وزير العلاقة مع المجتمع المدني والهيئات الدستورية كمال الجندوبي اكد ان مشروع القانون المتعلق بتجريم الإختفاء القسري سيكون جاهزا لمصادقة مجلس نواب الشعب عليه قبل موفى سنة 2016

هيئة الحقيقة والكرامة تتلقى
27 ألفا و800 ملف
تلقت هيئة الحقيقة والكرامة 27 الفا و800 ملف شكوى من الضحايا سواء كانوا أفرادا أو جهات، تم ايداع 34 ملفا منها عن بعد مع الإشارة الى انه أصبح بالامكان ايداع الملفات لدى التمثيليات الديبلوماسية في الخارج بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية ويمثّل تاريخ 15 جوان 2016 آخر أجل لقبول ملفات الضحايا كما ستنطلق الهيئة قريبا في عقد الجلسات العلنية بعد الانتهاء من عمليات التقصي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115