أحزاب الائتلاف الحاكم: البحث عن «الكتلة الكبيرة» لإعادة التوازن في البرلمان

لا يشغل بال المهندسين والفاعلين في مبادرة حكومة الوحدة الوطنية ، غير الانتقال الى تطبيق القسم الثاني من المبادرة. الذي لم يعلن عنه صراحة كرغبة وضرورة. وهو بعث الكتلة الكبيرة في مجلس النواب والتي تضمّ كل الكتل المصادقة على حكومة الشاهد باستثناء حركة النهضة، التي يراد من الكتلة الجديدة اخذ زمام المجلس منها.

لا تخاطر رئاسة الجمهورية ولا حكومة الشاهد والأحزاب الداعمة لها بالتسرع في إعلان وجود اتفاق بينها ينصّ على توحيد ابرز كتل الأحزاب المشاركة في الحكومة والداعمة لها –دون كتلة النهضة- ضمن كتلة جديدة اقترح ان تحمل أكثر من اسم، الكتلة الكبيرة، الديمقراطية، الجمهورية وغيرها.

الخشية من الإفصاح أو التسرع بالقول أن هناك مساع لإحداث كتلة جديدة في البرلمان، تضم حوالي 100 نائب. مردّها فشل المحاولة السابقة في مارس الفارط تاريخ تعثر فكرة إحداث كتلة تضم نواب كل من نداء تونس والكتلة الحرة وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر وعدد من غير المنتسبين لكتل. بعد رفض قادة النداء تجنبا لصدام مع حركة النهضة التي اعتبرت الأمر يستهدفها.

لكن بإطلاق مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية في جوان الفارط من قبل رئيس الجمهورية الذي أعرب خلال لقاءات المشاورات مع الأحزاب التسعة عن رغبته في تشكل كتلتين كبيرتين تدعمان الحكومة، كتلة حركة النهضة وكتلة ثانية تضم الأحزاب الأخرى التي ستشارك في الحكومة.

رغبة نقلها من شاركوا في اللقاءات وأكدوا أنها بلّغت إليهم وان لا اعتراضات على إحداثها من قبل أي طرف. وهو تأكيد نقل إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد في فترة المفاوضات. اذ كان الرجل من الداعمين لفكرة كتلة كبيرة تجمع من يطلق عليهم أفراد العائلة التقدمية.
رغبات لم تجد طريقها الى التنفيذ بعد، ففكرة إحداث الكتلة الكبيرة التي تؤكد ريم محجوب رئيس كتلة افاق تونس ونداء التونسيين بالخارج، أنها اقترحت في السابق من قبلهم وفشلت وعاد اقتراحها في نقاشات حكومة الوحدة الوطنية، ووجدت لها دعما في قصر قرطاج وفي قصر الضيافة، يوم كان يحتضن مشاورات تشكيل الحكومة.

غير ان بعث الكتلة لا يقتصر على الرغبة أو الاقتراح وفق ريم محجوب التي قالت ان حزبها يدعم الفكرة وملتزم بالذهاب أشواطا بعيدة لتحقيقها. لكن جهوده لوحده لا تكفي فالمطلوب من وجهة نظرها دعم الكتلتين الأكبر، كتلة نداء تونس والكتلة الحرة. للنجاح واحداث الكتلة الكبيرة.

كتلة لا تزال في طور التفكير والتخطيط فهي لم تجد بعد طريقها لتصبح مشروعا على الطاولة، وهذا ما أعلنته ريم محجوب بعبارات تحمل «آمل» حزبها في أن ينطلق المعنيون فعليا في وضع أسس هذه الكتلة قبل حلول السنة البرلمانية الثالثة.
حرص على الإسراع تبرره ريم محجوب بان الجميع متفق في المشاورات على ضرورتين، دعم المجلس لعمل الحكومة والرفع في نسق أشغال المجلس. وهذا لن يتحقق فعليا إلا بوجود كتلة كبيرة تتمتع بتمثيلية هامة في مكتب المجلس مما يسمح لها بتحديد نسق الأشغال ورفعه.

تفاؤل ريم محجوب يقابله ما قالت أنها لا تعلم عنه شيئا، موقف كتلة نداء تونس، التي يرفض أعضائها التعليق بصفة رسمية عن المقترح المدعوم من رئاسة الجمهورية. مقابل تفضيل الإعراب عن أرائهم بطرقة غير رسمية، وهي انقسام الحركة بين دعم للفكرة ومتخندق خلفها وبين رافض لسببين، التنسيق مع الكتلة الحرة وفتح الباب امام فقدان قادة الحزب لمقاليد كتلته في البرلمان وما يعنيه ذلك.

انقسام النداء وعدم وضوح الرؤية لكتلة الاتحاد الوطني الحر وجهل أعضائها بمستقبل الحزب وكتلته. لا يعنى ان بعث الكتلة صعب ولكنه لن يكون سهلا. فالى جانب هذه العقبات تقف الكتلة الحرة موقفا تدعم فيه الفكرة ولكن تضع شرطا أساسيا للوصول الى تحقيقها.
شرط الكتلة الحرة قدمه رئيسها عبد الرؤوف الشريف، وهو الاتفاق على أرضية العمل والياته، بعد ان سبق واتفق الجميع في المشاورات على الأرضية العامة وهي اتفاق قرطاج. فالكتلة الكبيرة التي لم يقع التطرق إليها بصفة رسمية بعد بين المعنيين يجب ان تحدث على أرضية صلبة واتفاق على طبيعة العلاقة مع الحكومة في ظل رفض الكتلة الحرة تقديم دعم مطلق غير مشروط لحكومة تعتبر ان من بين اعضائها من يجب ان يراقب عن كثب.

الصمت عن الكتلة الكبيرة وتجنب الخروج للعلن وطرحها هو خيار تتخذه رئاسة الجمهورية التي ألقت بفكرتها وتنتظر ان تنضج للدفع بها الى التحقيق، في ظل توجه جديد لاعادة ترتيب الخارطة السياسية يكون قطباها حركة النهضة والكتلة الجديدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115