«لا هدنة» هي الاجابة الموحدة لقادة الاتحاد العام التونسي للشغل تجاه سؤال «هل وقع عقد هدنة اجتماعية بينكم وبين الحكومة؟»، وهي الاجابة التي ترددها القيادة المركزية لاتحاد الشغل منذ تشكيل حكومة الشاهد.
قبل ذالك التاريخ كان قادة الاتحاد يتجنبون الخوض في هذا التفصيل، بل انهم ووفق تصريحات من شارك في اللقاءات وصولوا الى اتفاق ضمني مع الاتحاد بعقد هدنة اجتماعية تحت مسمى «السلم والاستقرار « تقضي بان تلتزم الحكومة القادمة بالاتفاقات السابقة في القطاع العام والخاص مقابل وقف الإضرابات وعدم دعم الاعتصامات العشوائية.
هذا الاتفاق فهم من كل طرف كما يريد، فالاتحاد تعامل معه على انه تعهد من الحكومة القادمة على الالتزام باتفاق قرطاج في كل بنوده مقابل دعم لن يكون فيه الاتحاد ومنخرطوه هم من يدفع ثمنه، وفهمته الاطراف المشاركة في حكومة الشاهد على انه دعم من الاتحاد وان بعبارات مختلفة.
لكن خطاب الشاهد في مجلس نواب الشعب يوم 26 اوت الفارط وتطرقه الى التقشف وما يعنيه من اتخاذ قرارات مؤلمة منها تسريح العمال جعل من الاتحاد العام التونسي للشغل، حتى وان استحسنت بعض قياداته المركزية ما ورد في خطابه، تسارع لاتخاذ موقف أكثر تمايزا مع الشاهد.
موقف الاتحاد القائم على ان الدعم ليس مطلقا وان حكومة الشاهد جاءت لتطبق ما ورد في اتفاق قرطاج من بنود لم يقع فيها اي اشارة الى التسريح من الوظائف وتقليص عدد العاملين في القطاع العام ولا التراجع عن الزيادات المقررة في الأجور.
هذا الانتقال من الفاعلين في وصول مبادرة رئيس الدولة الى مبتغاها وتشكيل حكومة وحدة وطنية، الى الواقف في الصف المقابل دون إعلان العداء او القطيعة، جاء على خطوات انطلقت منذ انطلاق المفاوضات التي أعلن فيها الاتحاد ان موقفه من حكومة الشاهد سيكون محدّدا وفق الملفات وليس موقفا عاما مطلقا.
وصفة تجعل من الاتحاد أكثر أريحية في تعاطيه مع حكومة الشاهد التي تضمنت أمينين عامين سابقين للمنظمة، سارع المكتب التنفيذي الحالي الى نفي ان يكونا ممثليه في حكومة الشاهد مع التشديد على عدم رضاه على التشكيل الحكومي لما تضمنه من الترضيات الحزبية وهو ما قد يمثّل عائقا في الالتزام بالبرنامج المتوافق حوله في إعلان قرطاج. من وجهة نظر الاتحاد العام التونسي للشغل.
الموقف من الحكومة والتصريح بعدم الرضا لم يكن هو الإعلان عن اقتراب الصدام بين الاتحاد وحكومة الشاهد وانما تصريح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بأنه لا يقبل بان تحيد الحكومة عن اتباع الإجراءات والقوانين المعمول بها في حال الأزمات والاتجاه لسياسة التقشف على حساب الشغالين.
العباسي كان شديد الوضوح في أن الاتحاد يرفض عقد هدنة مع الحكومة بسنتين، وطالب الشاهد بالالتزام بما ورد في اتفاق قرطاج، مشدّدا على ان الاتفاق تضمن خططا لتحسين موارد الدولة وأبرزها الجباية.
بذلك وضع الاتحاد وأمينه العام نفسيهما في الجهة المقابلة للشاهد ومارسا الضغط عليه للانطلاق في تطبيق ما ورد في اتفاق قرطاج والالتزام به وان أراد الاجتهاد فعليه ان يفتح باب الحوار الفعلي مع الاتحاد.
والاتحاد هنا يرسل بعلامات لحكومة الشاهد لمعرفة الطريق، اولها دفع منظمة الاعراف الى الالتزام بالاتفاقات والمشاركة بصفة جدية في مفاوضات الملاحق، بل ولعب دور الوسيط والحكم في المفاوضات. هذا بالإضافة الى الانطلاق في محاربة «الدولة العميقة» والتي تعني للاتحاد ثنائية الفساد والبيروقراطية.
وصفة سحرية حدّد بها الأمين العام كيفية تعامل حكومة الشاهد مع منظمته ورسم الخطوط الحمراء التي لا يجب لحكومة الشاهد تجاوزها ان لم ترد الصدام مع المنظمة الأقوى، في انتظار ان تتضح الرؤية اكثر في اللقاء المرتقب بينهما.