على عكس ما كان منتظرا ارتفعت الاحتجاجات الاجتماعية بشكل كبير خلال شهر جويلية رغم ان فصل الصيف لا يحمل عادة مثل هذا الكم من الاحتجاجات اذ وقع رصد 568 تحركا احتجاجيا فرديا وجماعيا خلال شهر جويلية مقابل 398 تحركا في الشهر الذي سبقه، وفق التقرير الشهري الذي يصدر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وتوزعت هذه التحركات الاحتجاجية الـ568 إلى 53 تحركا فرديا و 504 تحركات جماعية تجاوزت الحدّ المعتاد في هذه الفترة من السنة فمثلا تمّ في ذات الشهر من سنة 2015 تسجيل 272 تحركا احتجاجيا ولكنّ العدد تضاعف هذه السنة بسبب ميل كفة العوامل المحركة للاحتجاجات على حساب جهة الظروف التي تميز فصل الصيف وتجمدها نوعا ما جعلت عدد التحركات الاحتجاجية يفوق المتوقع. ولكن عوامل عديدة ضاعفت الاحتجاجات على راسها حالة الاضطراب التي أضحى عليها المشهد السياسي إثر مبادرة رئيس الجمهورية بتكوين حكومة وحدة وطنيّة والذي انتج تركيزا على هذه المبادرة وتجاهلا لعديد الملفات التي تمثل اشكالا لأنّها محلّ تململ من المواطنين وفي بعضها الآخر ملفات متعلقة بقطاعات معروفة بالتحركات الاحتجاجية وصنف آخر ظرفي ويمكن ان يصبح قارّا الى حدود حلّه نهائيا كما كانت تلك الاحتجاجات في جزء منها سببها تشكيل حكومة جديدة وفرصة لارسال رسائل تتضمن الاشكاليات التي يجب حلّها وهو اساسا سبب ارتفاع نسق الاحتجاجات مقارنة بذات الشهر من السنة الماضية.
عوامل ظرفية في اتجاه تحوّلها لقارّة
من اهم العوامل الظرفية المتوقع تحولها الى عوامل قارّة حالة العطش التي عاشتها عديد القرى والمعتمديات والعمادات وحتى المراكز بشمال البلاد وجنوبه حيث كانت دون منازع عنوان الحراك الاحتجاجي خلال شهر جويلية حيث كان سبب نصف الحراك الاحتجاجي المسجل النقص في التزود بالماء الصالح للشراب أو الانقطاع المفاجئ والمتكرّر الذي مس بقوة منطقة الساحل كسوسة ونابل وكل من ولايات قفصة والقيروان وسليانة والقصرين وبنزرت وباجة وتطاوين.
ولكن حالة العطش كانت اشدّ بولاية جندوبة حيث سجلت العدد الاكبر من الاحتجاجات بمطالب توفير الماء الصالح للشراب وشملت جزءا مهما من معتمديات الولاية كما شكل التلوث وتكدس الفضلات خاصة في ولايات المهدية وأريانة وصفاقس دافعا لتنظيم سلسة من الوقفات الاحتجاجية، وما يجعل هذين العاملين الظرفيين في اتجاه تحول الى عوامل قارة للتحركات الاحتجاجية هي توقعات النقص في المياه خلال السنة المقبلة والتخفيض في المياه الموجهة للري لتوفير مياه الشرب وتاجيل الانتخابات البلدية الذي سيؤجل التعامل المُفترض مع ملف النظافة والبيئة.
حجم الاحتجاجات ايضا في القطاع الصحي خلال الشهر الماضي، وفق تقرير المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تجاوز النسب التي سُجّلت خلال الاشهر التي سبقته فتراكمات تردي الخدمات الصحية عموما وغياب اطباء الاختصاص وكلفة العلاج والبنية التحتية الاستشفائية في الوحدات الصحية الجهوية والمحلية بشكل خاص في الجهات الداخلية جعلت الاحتجاجات المتصلة بالقطاع الصحيّ تتضاعف ومن المنتظر ان....