وهي فرصة قدّمها المعهد للأحزاب المشاركة في هذا الحوار لتقييم مسيرتها خلال السنوات الخمس السابقة.
وقد كان حزب التكتل من أجل العمل والحريّات، قد تناول الأسبوع الماضي، تجربته خلال هذه الفترة بالنقد بما فيها فترة الحكم في إطار الترويكا، الأمر يختلف بالنسبة للتيّار الديمقراطي، والذي يُعتبر أنه مازال في بدايته، فقد تأسّس التيّار في 30 ماي 2013، و ثلاث سنوات غير كافية لتقييم تجربة حزب وآدائه على الساحة السياسية، وقد كان انسلاخه عن حزب المؤتمر في 2013، يمثّل ولادة التيّار ودخوله إلى المشهد السياسي بشكل مستقل، كما أن انتقاله إلى مرحلة المعارضة مثلما قدّم نفسه، كان لتوعية الناس إلى القضايا الحقيقية والأساسية.
وعلى خلاف ما قام به حليفه المستقبلي «التكتل»، من نقد وتقييم ذاتي لتجربته خلال السنوات الخمس الماضية، لم يتطرّق التيّار الديمقراطي إلى تقييم تجربته خلال هذه الفترة، بقدر ما أكّد على لسان أمينه العام محمد عبّو، أن قراءاتهم الاستشرافية للواقع السياسي عندما كانوا في حزب المؤتمر، لم تخطئ في أكثر من مناسبة، مشيرا إلى رفضهم الدستور في نسخته الأولى، سيما في ما يخصّ علاقة الدين بالدولة وصلاحيات رئيس الجمهورية، ورفضهم قانون الإرهاب.
وفي سياق حديثه عن تجربته في إطار الترويكا، كوزير معتمد لدى رئيس الحكومة مكلّف بالإصلاح الإداري، قال عبّو إن النقد الأساسي الذي توجّه إلى الترويكا آنذاك، كان على أساس الحوكمة وعجزها في مجابهة الفساد، وذلك لاستحالة التنمية دون مقاومة الفساد الذي ينخر الإدارة التونسية، مضيفا أن حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية، لم تكن أبدا طرفا ايديولوجيا كما كانت تقدّم نفسها، بل كانت لها توجّهات سياسية معينة، ثم «أصبحت تحكم مثلما اتفق، المهم أن تحكم».
القيادي بالتيّار الديمقراطي رضا الزغمي، أكّد في مداخلته، أن السياسة الاتصالية والاستراتيجيا الإعلامية التي قام بها التيّار، لم تكن في المستوى ولم تؤد على الأقل إلى النتائج المرجوّة خلال انتخابات 2014، مشيرا إلى ضرورة تدارك هذه النقاط في المرحلة القادمة، فالمسألة المهمة هي رؤية الشعب للتيّار، «ونحن لم نوفّق ربما في إعطاء الصورة الحقيقية للتيار الديمقراطي، ولم نسوّق لفكرتنا بوضوح» في بعض المسائل، على غرار مسألة الإرهاب، والذي اتُّهمنا بدعمه عندما رفضنا المصادقة على قانون الإرهاب، الذي يحال بمقتضاه الآن بعض الصحفيين على القضاء.
كما وصف نائب الأمين العام للتيّار، غازي الشوّاشي، خروجهم من المؤتمر من أجل الجمهورية بالتمرّد، ورغم اشتراكهم في نفس المبادئ وانتمائهم إلى نفس العائلة الاجتماعية الديمقراطية، إلا أن التيّار يختلف عن المؤتمر في منهجية العمل والممارسة، وينتهج خطا مغايرا، والدليل على ذلك أنهم لم ينجحوا في تكوين كتلة في مجلس النوّاب.
وتعليقا على مداخلات قياديي التيّار، قال زميلنا زياد كريشان إثر مداخلته في هذا الحوار، إن رؤية الناخب لحزبه، تتمثل في الانتماء والهوية والمشروع، بغض النظر عن التحالفات والأشخاص والقيادات، فعلاقة التيّار بناخبيه تتحدّد بالهوية الفكرية، فهو يصف نفسه كجزء من العائلة الاجتماعية الديمقراطية، لم يعبّر بوضوح عن تصوّراته الاقتصادية، وله نوع من «الشعبوية الجديدة»، له خطاب يبدو أنه يساري راديكالي لكن بمضامين اقتصادية أقرب إلى الليبيرالية، مضيفا أن من أعطى صوته في انتخابات 2014 للتيار، كان في الحقيقة قد صوّت لفكرة مبدئية هلامية تطوّرت مع المرزوقي صلب المؤتمر منذ 2011، معتبرا أن التيّار الديمقراطي هو الوريث أو الإبن غير الشرعي للمؤتمر من حيث الانسلال الفكري والتموقع السياسي، ما نتج عنه انقسام القاعدة الانتخابية للمؤتمر في 2014 بينه وبين التيّار الديمقراطي.
هذه المبادرة الجديدة التي قام بها معهد تونس للسياسة، لإشراك المجتمع المدني مع الأحزاب السياسية في الحوار البنّاء، تتواصل الأسبوع القادم مع التحالف الديمقراطي ليقوم بتقييم تجربته ونقدها.