اصدر تنظيم «داعش» الارهابي بيانين نشرتهما مؤسسة البتار الذراع الإعلامي لـه، اقرّ فيهما بفشل مخطط السيطرة على مدينة بن قردان وهزيمته في المواجهات المسلحة مع قوات الجيش والأمن التونسي، التي انطلقت منذ الاثنين الفارط.
هذان البيانان اللذان استعملا صفة “الغزوة”، تضمن أولهما “تهديدا ضد تونس بانّ “الحرب بدأت لتوها”، بينما ركّز الثاني على تحريض الارهابيين “للنفير”، واعتبر التنظيم الارهابي أن الأحداث الاخيرة هي «معركة العقيدة» وانها بداية الحرب لا هوادة فيها، وانه سيقدّم أي ثمن مقابل السيطرة على تونس واستهداف الجيش التونسي.
وقد جاء في البيان الأول، الذي حمل عنوان “تونس ومعركة العقيدة”، “ألا فليعلم طواغيت تونس أن الحرب لتوها بدأت، وما رأيتموه ما هو إلا جزء يسير من فاتورة تنتظركم، فالأيام حبلى والقادمات أدهى وأمرّ، وإن حربنا قائمة لا هوادة فيها، وباقية مع الطواغيت وعساكرهم”.
وحافظ البيان على ذات الوصف للحكومة التونسية بأنها “علمانية وعميلة للغرب، ولا تسمح بتطبيق الشريعة الإسلامية ولن تتخلى عن دعم ديمقراطيتها الملحدة، فهي ممتنعة عن تطبيق الشريعة الإسلامية وسلف هذه الأمة قاتَلوا من امتنع عن بعض الشرائع”.
لينتهى بدعوة اتباع التنظيم الارهابي في تونس “بتحمّل الأمانة” ودعم الارهابيين العالقين في بن قردان واستهداف المسيحيين واليهود في تونس.
أما البيان الثاني الذي حمل عنوان “تونس من شرارة الثورة إلى لهيب الجهاد”، وحمل امضاء “يمني وأفتخر بإسلامي” المعروف بانه من أبرز إعلاميي التنظيم الارهابي، فقد شدّد على ان تونس باتت ارض حرب للتنظيم الارهابي وانها لم تعد “ارض دعوة” كما كانت مصنّفة من تنظيم القاعدة.
وحمل البيان دعوة لاستهداف الجيش والامن التونسيين وعلماء الدين والإعلاميين، وكل من يساعد الدولة في حربها على الارهاب، ولم يقتصر رد التنظيم الارهابي عند اصدار بيانين بل نشرت مؤسسة البتار التابعة له ملصقات دعائية لرسائل موجه إلى تونس، جاء في إحداها “ستخرج لكم خلايانا من لدنكم ونقيم حكم الله على أرض القيروان”.
هذان البيانان والملصقات الدعائية كشفت عن حقيقة الخسارة الكبرى التي مني بها التنظيم وبينت حجم “الرهان” الذي وضعه على اتباعه المكلفين بتنفيذ المخطط الفاشل، فاستعمال عبارة انتفضوا وارفعوا عن انفسكم الذّل والعار لم يستعملها التنظيم الارهابي مع اتباعه في أي معركة هزموا فيها سواء في العراق او في سوريا.
باستعمال هذه العبارات الحادة ضد اتباعه كشف التنظيم الارهابي انّه فقد ثقته في اتباعه في تونس وانه يعتبرهم سبب هزيمته، خصوصا برفضهم تقديم الدعم للمجموعة الارهابية الفارة من الاشتباكات الدائرة في بن قردان.
ورفض المنتسبين للتنظيم الارهابي من خارج مدينة بن قردان او داخلها تقديم الدعم لمن تبقى من المجموعة الفارة تكشفه حدّة الخطاب الموجه اليهم والمعجم المستخدم فيه، كما تكشف هذه الحدّة إدراك التنظيم انه خسر كل امكانية للسيطرة على أي منطقة في تونس، وان هذا الامر هو بمثابة “النهاية” بالنسبة اليه خصوصا وأن المؤشرات الاولية تبين انه قد اعدّ لها منذ فترة طويلة.
لكنه ليصرّف ازمته ويقلل من حجم الخسائر الفادحة المتمثلة في القضاء على اغلب العناصر الارهابية المشاركة في الهجوم الفاشل، خير التنظيم الارهابي ان يعلن ان الحرب في اولها وان خسارته لمعركة ليست النهاية بالنسبة اليه.
لكن ما بين ما يعلنه التنظيم الارهابي وما يدركه بون شاسع، فهو يعلم ان عناصره في بنقردان قد قضي عليهم وان من ظلّ حيا هو مطارد اليوم، ومن لم يشارك في العملية في بدايتها لن يشارك فيها الان.
كما يعلم التنظيم الارهابي انه لن يكون بمقدوره المراهنة مرة اخرى على اتباعه في الداخل التونسي لتنفيذ هجمات نوعية، لفقدان الثقة فيهم، واعتبارهم أذلاء وغير اكفاء. وهذا يعني انه سيحاول ايفاد اتباع له الى تونس لتنفيذ عملية ارهابية استعراضية.
وتتالى الأيام لتحمل تفاصيل الحرب على الارهاب انباء سارة، لعل اخرها بيانات تنظيم داعش الارهابي التي عرّت التنظيم وكشفت تخبطه وأنهت اسطورته.