قيّموا أداء الوزراء قبل إطلاق المبادرات

لم يستأثر حدث إمضاء وثيقة قرطاج باهتمام التونسيين ولم تهتم بتحليل «أبعاده ودلالاته « إلاّ فئة قليلة من الإعلاميين وهو أمر دال على وجود أزمة سياسية فعلية تمّر بها البلاد منذ أشهر إن لم نقل أعوام. فقد فقدت الطبقة السياسية مصداقيتها ولم تعد قادرة على التأثير في

الجماهير وما عادت المبادرات السياسية تُتابع باهتمام أو تحفّز التونسيين على التعمق في ما يمكن أن ينجم عنها من نتائج...إنّها أفعال شخصية تنسب إلى أصحابها وأداء باهت على الركح السياسي لا يحرّك السواكن .

وثيقة قرطاج لا تستهوي المهتمين بالشأن العام والراغبين في المشاركة في نحت معالم المرحلة الانتقالية لأنّها بكلّ بساطة تفتقر للمعنى كما أنّها وثيقة لا تلزم إلاّ الأطراف التي أمضت عليها .وهو مؤشر على وجود فجوة بين طريقة تصور الفئة ‹الحاكمة› لما يجب أن تكون عليه سياسية البلاد ، ورؤية بقية الفاعلين السياسيين وسائر المنشغلين بالشأن السياسي لإدارة المرحلة. وما يسترعي الانتباه هو أنّ هذه الفجوة تتسع يوما بعد آخر وتعرقل قنوات التواصل وكلّما ظنّ الفاعلون السياسيون أنّهم سيطروا على الوضع جاءت البيّنة بأنّ الحلول مستعصية.

ولا يتعلق الأمر بخلاف بين الممارسين للحكم المستجيبين لإكراهات السياق وتوازن القوى ، والمنظرين المتمسكين باليوتوبيا فحسب بل إنّ الأمر راجع إلى تباين حول طريقة ممارسة الحكم وهوية الفاعلين السياسيين الجديرين بإدارة المرحلة فضلا عن طبيعة الأهداف وترتيب الأولويات وجدول تطبيق مشاريع الإصلاح الهيكلي ومنظومة القيم والمبادئ التي تهيمن على ‹مهندسي سياسات ‹هذه المرحلة الانتقالية.

ويتضح يوما بعد آخر أنّ التشاركية والشفافية والمساءلة والمحاسبة والحوكمة الرشيدة... باتت مجرد شعارات مفرغة من الدلالة والفاعلية ونجم عن كل ذلك انعدام الثقة بين الممضين على الوثيقة من جهة، وبين من هم في مواقع صنع القرار والجماهير من جهة أخرى، ولعلّنا لا نبالغ إن اعتبرنا أنّ وثيقة قرطاج مجرد حدث عابر أراد أصحابه من خلاله، أن يدخلوا التاريخ وأن تؤرشفهم الذاكرة ولكنّهم عجزوا عن امتلاك اللحظة.

كان حريّا بمن أرادوا تغيير وجهة «الحياة السياسية» أن يتفكروا في الرهانات وفي ما يمكن أن تؤول إليه الأمور...وكان حريّا بهؤلاء أن يرجّحوا كل الاحتمالات بما فيها الفشل الذريع قبل أن يطلقوا المبادرات. فلا معنى في تقديرنا ، للخروج من المأزق بتغيير هوية الفاعلين والإيهام بالتحكم في ترتيب الأولويات وضبط خطة عمل الحكومة الجديدة...إن هو إلاّ خطاب سياسي يروم التأثير في المتقبلين وإقناعهم بأنّ الإرادة السياسية متوفرة.

إنّ إطلاق المبادرة والسعي إلى تحويلها إلى أمر واقع من خلال ‹برتوكول إمضاء وثيقة قرطاج› ليس إلاّ مناورة سياسية تريد أن تضخ ماء جديدا في صحراء قاحلة ...تريد أن.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115