مثل امس الإربعاء 15 جوان تاريخ إنتهاء آجال إيداع ملفات الإنتهاكات الى هيئة الحقيقة والكرامة وقد بلغ عدد الملفات المودعة بصفة نهائية حوالي 56 الف ملف تقدم بها افراد وعائلات وشخصيات وطنية واحزاب سياسية ومنظمات حقوقية وحتى مناطق من الجمهورية ستتولى الهيئة معالجتها عبر اللجان المركزة صلبها خلال السنتين المتبقيتين من مدة عملها والقابلة للتمديد بسنة واحدة كما ينص القانون الأساسي المتعلق بالعدالة الإنتقالية.
ويمكن ان يكون الحدث الابرز هو إيداع الدولة لـ685 ملفا في اليوم الأخير من آجال تقديم الملفات عبر المكلف العام بنزاعات الدولة وتتعلق كل هذه الملفات بجرائم فساد مالي وفي اغلبها كانت مودعة لدى القطب القضائي المالي بغية معالجتها وفق آلية التحكيم والمصالحة صلب هيئة الحقيقة والكرامة، وفق ما أكده المكلف العام بنزاعات الدولة كمال الهذيلي لـ»المغرب».
ولكن تقديم الدولة لـ685 ملفا وقبولها مبدأ الصلح مع المشتبه في تورطهم في قضايا فساد مالي لا يعني ان قبولها النهائي فوفق المكلف العام بنزاعات الدولة يمكن للدولة التي تمثل الضحية في كل تلك الملفات ان ترفض الصلح بعد الجلسات التي ستعقدها الهيئة ممثلة في لجنة التحكيم والمصالحة مع المشتبه فيه او مع الدولة لتقديم المشتبه في تورطه في قضايا فساد مالي عرضا غير كاف لتعويض الدولة عن انتهاكته.
وفي هذه الحالة تعود كل الملفات التي لم تنته بالصلح الى انظار القضاء الذي ورغم تقديم الملفات الى هيئة الحقيقة والكرامة يبقى القضاء متابعا لمسار التحكيم والمصالحة والى حين تنفيذ بنود الصلح وبامكانه إبطاله في حال وقع اكتشاف مغالطة المشتبه فيه وإخفائه لبعض الحقائق وفق ما اكده كمال الهذيلي لـ«المغرب» والذي إعتبر ان الملفات التي اودعتها الدولة يكتسي جزءا منها تعقيد كبير مما يجعل معالجتها في سنتين صعبا.
الاحزاب والمنظمات تتوافد...
خلال الايام القليلة التي فصلت عن الاجل الاقصى لقبول هيئة الحقيقة والكرامة لملفات توافدت المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية على الهيئة لتقديم ملفات تتضمن الإنتهاكات التي تعرضت لها طيلة المدة الممتدة من 1 جويلية 1955 إلى 31 ديسمبر 2013 ومن هذه المنظمات والاحزاب على سبيل الذكر لا الحصر اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين الرابطة التونسية لحقوق الانسان وحركة النهضة والحزب الجمهوري وحزب العمال والتكتل الديمقراطي...
وان كانت هذه المنظمات والاحزاب السياسية عبر تقديمها لملفاتها لا تسعى الى الحصول على تعويضات مادية فوفق ما افاد به صلاح الدين الراشدي لـ»المغرب» فان التعويضات التي ستخصص للاحزاب والمنظمات وبعض الشخصيات الوطني ستكون رمزية ومعنوية ولكن الاهم هو الشهادات التي ستُقدم الى الهيئة من طرفهم التي ستكون العمود الفقري لحفظ الذاكرة الوطنية وكتابة تاريخ تونس من جديد وفق تعبير القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي الذي اودع ملفا لدى الهيئة اول امس بالإضافة الى كشف الحقيقة وضمان عدم تكرار الانتهاكات.
عدم تكرار الإنتهاكات
ما يقصده القيادي في حركة النهضة بضمان عدم تكرر تلك الإنتهاكات هو التوصيات التي ستفرزها هيئة الحقيقة والكرامة خلال السنتين المتبقيتين في عملها انطلاقا مما ستخلص اليه من الملفات التي اودعت لديها والتقصي فيها والشهادات التي سترد عليها خلال جلسات الإستماع التي ستعقدها ومنها ترفع الى «لجنة الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات» التي وفق الفصل 43 من القانون الأساسي من القانون المتعلق بالعدالة الإنتقالية وتنظيمها ستقدم مقترحات عملية لإصلاح المؤسسات المتورطة في الفساد والانتهاكات.
فهذه اللجنة مهمتها تتمثل اساسا في المساهمة في تفكيك مؤسسات الفساد والإنتهاكات وليس تتبع أشخاص معينين بإعتبار ان قانون العدالة الإنتقالية منح الهيئة عبر لجنة الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات صلاحية إصدار توصيات بالإعفاء أو الإقالة أو الإحالة على التقاعد الوجوبي في حق كل شخص يشغل إحدى الوظائف العليا بالدولة بما في ذلك الوظائف القضائية إذا تبين تورطه بصفة مباشرة او غير مباشرة في انتهاكات او قام بعمل عن قصد نتجت عنه مساندة أو مساعدة في الاستيلاء على المال العام.