بعد أحداث بن قردان: مرة أخرى يعود الحديث عن تنظيم الحوار الوطني لمكافحةالإرهاب...

مع تتالي الهجمات الإرهابية التي راح ضحيتها عشرات من الشهداء من الأمن والجيش والحرس الوطني والديوانة والمدنيين، تعود الدعوة إلى الإسراع في عقد المؤتمر الوطني لمناهضة الإرهاب من جديد في الساحة السياسية، هذا المؤتمر الذي كان مصيره التأجيل في مناسبات عديدة

من موعد غرة سبتمبر المنقضي إلى 4 و5 أكتوبر المنقضي إلى 24 و25 أكتوبر المنقضي ليتم فيما بعد قبره والإعلان عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي لقي ذات مصير المؤتمر الأول بحجة التنسيق الوطني والدولي علما وأن تنسيقية المعارضة اقترحت عقد المؤتمر يوم 17 ديسمبر المنقضي لكن لم يتم ذلك.

رغم تأكيد أغلب الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات على أهمية عقد المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب واعتباره الأرضية الأولى والمرجعية لوضع خطة عملية لوقف الاعتداءات والعمل على تجفيف المنابع والقضاء على أوكار الإرهاب في الخط الأمامي، إلا أن الاختلافات في الآراء بين الأحزاب السياسية هي التي عطلت تنظيمه علما وأن رئيس الحكومة بعد سلسلة التأجيلات قد رمى بالكرة في مرمى الأحزاب كي تبادر بتنظيم هذا المؤتمر لكن دون نتيجة تذكر.

أطراف تدعو وتعطل في نفس الوقت
الجبهة الشعبية وعلى خلفية الهجمات الإرهابية في بن قردان حملت الائتلاف الحاكم مسؤولية تعطيل رسم إستراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب عبر رفض عقد المؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب، إلا أن نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي أكد لـ«المغرب» أن الحركة مستعدة للتفاعل مع دعوة تنظيم مؤتمر وطني لمكافحة الإرهاب في أسرع وقت ممكن ولكن بعض الأطراف التي تدعو من حين لآخر إلى تنظيم هذا المؤتمر هي ذاتها التي تعطل تنظيمه باعتبار أن أجنداتها ليست في اتجاه المستقبل في فهم الظاهرة ومعالجتها بل هي في الاتجاه الماضي ومحاولة الاستثمار في الدماء وتحميل المسؤوليات وهذه النقطة هي من مشمولات القضاء فقط، فهو متعهد بملفات الشهداء والاغتيالات السياسية ولذلك لا سبيل ولا مبرر للضغط عليه والتدخل في شؤونه.

وأضاف عبد الحميد الجلاصي أن الحركة منذ العمليات الإرهابية السابقة هي التي باشرت بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني لمكافحة الإرهاب لكن النهضة هي أكبر المتضررين من هذه العمليات وبذلك فإنه وطنيا ونهضويا مع عقد هذا المؤتمر في أسرع الأوقات ولما طرح رئيس الحكومة في جوان الماضي الموضوع لمؤتمر ينعقد في بداية شهر أكتوبر وقد تفاعلت الحركة ايجابيا مع هذه الدعوة والمقترحات التي قدمها حول أهداف المؤتمر ومضامينه وطريقة تنفيذه تفاعلت الحركة أيضا معها بايجابية سواء إن كانت النهضة في حد ذاتها أو تنسيقية الائتلاف الحاكم، مشيرا إلى أن الحركة لها وحدة للبحوث لشؤون الإرهاب والشأن الديني وهذه الوحدة لها مضامينها لفهم الظاهرة وطرق والآليات الكفيلة للتصدي لها.

المؤتمر بين الوحدة والانقسام واختلاف المواقف
ووفق الجلاصي فإن حركة النهضة مستعدة اليوم وغدا للمشاركة في المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب وان توجه من خلاله المقترحات في الفهم والمعالجة إن تمّ هذا المؤتمر أو كذلك إن لم يتم، فالحركة لن تبقى مقيدة به فهي موجودة في الميدان لمساندة المؤسستين العسكرية والأمنية وطرح موضوع التشغيل والتنمية باعتبار أن هذه العناصر وسيلة لقطع الطريق أمام الإرهابيين والحركة تشتغل على هذه القضايا الأساسية من التشغيل إلى التنمية إلى التصدي للإرهاب ومؤتمر التشغيل ومؤتمر مكافحة الإرهاب آليات مناسبة ولكن إن لم تنعقد فإن على القوى الفاعلة أن تعمل على إيجاد مقاربة للتشغيل والتصدي للإرهاب.

هذا وأوضح محدثنا أن رئيس الحكومة قدم موعدين لكن انتبه أن المؤتمر الهدف منه هو إظهار الشعب التونسي صفا واحدا لمقاومة الإرهاب لكن إن كان تنظيم هذه المؤتمر سيبرز الاختلاف والاحتقان الحزبي فلا ضرورة له وتبعا لذلك فإن بعض الأحزاب التي تدعي مطالبتها بهذا المؤتمر هي في ذات الوقت ضدّ المخرجات المطلوبة، مشددا على أن الاختلافات والانقسامات تعدّ فرصة للإرهابيين للتسلل داخل البلاد وهي كذلك تخدم أجنداتها.

الإشكالية ليست في المطالبة بل في التنفيذ
الناطق الرسمي باسم حزب آفاق تونس وليد صفر أفاد لـ«المغرب» أن الحزب ليس له أي إشكال في تنظيم المؤتمر وهو من الداعمين له وقد أعدت لجان الحزب سابقا عملا كبيرا في هذا الشأن ولو تمّ الدعوة من جديد لعقده فإن آفاق تونس بطبيعة الحال سيدعم ذلك وسيشارك فيه ويعمل على إنجاحه، مشيرا إلى أن الإشكالية ليست إشكالية المطالبة بل التنفيذ، فالوضع اليوم بات معقدا والدليل أن ورشات حوار التشغيل قد تمّ تأجيلها، فهناك أولويات تسبق الأخرى ولو كان هناك فرصة سانحة لتنظيم المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب ويكون له فرص النجاح سيعمل الحزب على الدفع نحو تنظيمه. نفس الموقف أيده رئيس كتلة الاتحاد الوطني الحر نور الدين بن عاشور.
وبين بن عاشور في تصريحه لـ«المغرب» أن الدعوة لتنظيم المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب أن مداخلات الاتحاد كانت في هذا الاتجاه باعتبار أن هذا المؤتمر الهدف منه تحديد المسؤوليات بالنسبة للأطراف المتسببة في الإرهاب وهذا مطلب شرعي حسب اعتقاده ومازال لم تتم مناقشته صلب الحزب، مشيرا إلى أنه طالب في مداخلته في الجلسات العامة بالكشف عن الأطراف التي تقف وراء تنظيم داعش ومن يمولهم وكيفية تنقلهم عوض الحديث عن الإرهاب عند وقوع أي عملية إرهابية، فمكافحة الإرهاب تستدعي أولا إرادة سياسية وجرأة ووضوحا، مشددا على أن هناك تدرج في استفحال ظاهرة الإرهاب، فقد انطلقت العناصر الإرهابية بتكسير الاقتصاد الوطني إلى محاولات السيطرة على مفاصل الدولة وإقامة إمارة ولحسن الحظ تمّ إفشال مخططاتهم.

غياب المبادرات
الحزب الجمهوري جدد بدوره وبعد اجتماع مكتبه التنفيذي دعوته للتسريع بعقد مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب يضع مقاربة شاملة وإستراتيجية فاعلة لمقاومة الإرهاب، ودعا في هذا السياق لوضع برنامج وطني (مشروع قانون عيون الوطن) لإسناد ضحايا الإرهاب وعائلاتهم من أمنيين وعسكريين ومدنيين.

تتالت الدعوات إلى التسريع في عقد المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب من قبل العديد من الأطراف بعد كل عملية إرهابية لكن إلى اليوم ليس هناك أي طرف سياسي يأخذ على عاتقه تنظيم هذه المبادرة لاسيما وأن رئيس الحكومة قد أكد في مناسبات عديدة أنه سيتفاعل ايجابيا مع كل طرف يبادر بتنظيم هذا المؤتمر وذلك بسبب الاختلافات التي حصلت سابقا وإقراره في مرحلة أولى أن يشرف على إعداده شخصية مستقلة وبعد اختيار الشخصية اعتذرت عن القبول ليتم فيما بعد الاتفاق على أن يتولى رئيس الحكومة هذه المسألة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115