لا تكون إلا في إطار حكومة وحدة وطنية تضم الائتلاف الحاكم الحالي واتحاد الشغل ومنظمة الأعراف سويا.
يبدو أن الأزمات المتلاحقة التي مرت بها حكومة الصيد جعلت من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يعلن مبادرته في ثوب النصح، وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية لتجاوز الوضع «الكارثي»، كما وصفه، الذي تمر به تونس. هذه المبادرة التي قال الباجي قائد السبسي أنها جاءت كمحصلة للقاءاته برؤساء الأحزاب وقادة المنظمات الاجتماعية والوطنية، هدفها تهيئة الظروف لحكومة تستطيع فرض القانون وتوفير هدنة اجتماعية.
الباجي حددّ ملامح هذه الحكومة في حوار ادلى به للتلفزة الوطنية بث يوم امس، فهي من وجهة نظره حكومة تضم الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة، جنبا الى جنب مع احزاب الائتلاف الحاكم الحالي، حركة النهضة حركة نداء تونس الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس.
اشتراط دخول اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف مهّد له الباجي قائد السبسي في حواره كثيرا، حينما استعرض الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، والمح الى ان اي حكومة تعوض حكومة الصيد لن يكون بمقدورها النجاح لأنها ستواجه احتجاجات اجتماعية تجد لها سندا من قبل النقابات واحزاب المعارضة.
لذلك اعتبر رئيس الجمهورية انه من الضروري أن يكون الاتحاد العام التونسي للشغل في حكومة وحدة وطنية لم يحدّد من سيكون على رأسها، سواء شخص جديد او الحبيب الصيد - الذي اثنى عليه في حواره وشدّد على انه قبل تقلد منصبه بعد إصرارا وذلك من اجل خدمة الدولة، ولكن الصيد ليس المرشح الأبرز وفق تلميحات الرئيس.
التلميحات التي انتقلت لتصبح إقرارا صريحا بان المعارضة، التي يعتبرها لم تحسن لعب دورها في نظام ديمقراطي وظلت تعمل كأنها معارضة لنظام دكتاتوري، لن يحرجها بدعوتها للانضمام لحكومة وحدة وطنية وذلك بسبب رفضها السابق لها، ولكنه لا يغفل عن إلقاء الكرة في ملعبها بجعلها أمام حتمية المشاركة في إخراج البلاد من مأزقها عوضا عن تعميق الأزمة.
حوار الباجي قائد السبسي لم يقتصر على عرض مبادرة دون ان يدعمها بحجج، فهو وبعد لقائه بكّل الفاعلين في المشهد السياسي في تونس توصل الى ان الانتقادات التي توجه لحكومة الحبيب الصيد ابرز نواقصها عدم كشف حقيقة الاوضاع للتونسيين والمح الى عدم قدرتها على تطبيق القانون وفرضه.
فحكومة الحبيب الصيد قامت بما يجب القيام به وفق الإمكانيات التي توفرت لها وفق تقييم رئيس الجمهورية الذي يقّر لاول مرة ان النتائج التي حققتها الحكومة متوسطة، وهي عبارة لتجنب الإقرار بالفشل، ولكن بالاساس هي تمهيد ضروري لجعل الاتحاد العام التونسي للشغل واحزاب المعارضة دون عذر في القادم.
فقد أعد الرئيس للحوار جيدا وراجع الارقام، على غرار الخسائر الناجمة عن توقف انتاج الفسفاط، التي قال انها تتجاوز 5 مليار دينار، وعن خسائر توقف أنشطة الشركات البترولية في قرقنة وغيرها التي قال أنها تسببت في تراجع مساهمة الإنتاج المحلي من الاستهلاك العام للنفط والغاز الى حدود الـ 50 % بعد ان كانت 93 %. واستعرض الخسائر المفترضة عن توفر نشاط شركة بيتروفاك في قرقنة التي قال انها كانت تساهم في توفير 12 % من الاستهلاك مضيفا انها شركة وطنية وليست شركة اجنبية لامتلاك الدولة التونسية نسبة 55 % منها.
ولم يغب عنه تقدير الخسارة الناجمة عن الارهاب، الذي قال انه كلف البلاد 4 مليار دولار اي اكثر من 8 مليار دينار اي اكثر من ربع ميزانية تونس لسنة 2016، هذا بالاضافة للخسائر التي سجلت في قطاع السياحة التي قدرت بمليار دينار، واستمر استعراض الخسائر وتكلفة الازمة الاجتماعية والاقليمية على تونس بتقدير حجم تكلفة تردي الاوضاع في ليبيا على تونس بقيمة 4 مليار دولار اي مليار دينار.
استعراض هذه الارقام والاقرار ان الميزانية تشكو عجزا بحوالي نصف مليار دينار هي حجج وارقام يقدمها الرئيس لقول ما يعتبره .....