وكان لتلاحم المدنيين مع العسكريين دور كبير في صدّ هذا الهجوم الإرهابي. ونحن نستذكر اليوم وقائع وأحداث هذه الذكرى بكل تفاصيلها -والتي شكلت منعطفا تاريخيا هاما في بلادنا- لا ننسى تداعيات وانعكاسات هذا النصر الاستراتيجي في المحيطين الاقليمي والعربي .
يمكن القول ان تاريخ السابع من مارس مثّل مفترقا مصيريا لوجود هذا التنظيم الارهابي، اذ تم القضاء على «الصورة الدموية» التي ما فتئ يرسمها من خلال عملياته وجرائمه الوحشية كذلك باعدامه للمدنيين بطرق مرعبة. هذه الصورة اهتزت لدى الرأي العام لا فقط على الصعيد المحلي بل كذلك الاقليمي والعربي وتجلى انه لا يمكن للإرهاب ان يبقى اذا كانت هناك ارادة شعبية كبيرة لاقتلاعه من جذوره وان الوطن أغلى من محاولات التقسيم وادخال البلاد في عباءة الظلامية والفكر المتطرف .
وبعيد هذا التاريخ وبعد عام تحديدا أي في سنة 2017 شهد العالم العربي هزيمة أخرى مدوية لداعش بعد تمكن قوات الجيشين السوري والعراقي من طرد عناصر التنظيم من المساحات التي سيطر عليها في كل من سوريا والعراق.
وتحل اليوم ذكرى هذا النصر على داعش الارهابي في وقت تشهد فيه المنطقة محاولات لعودة هذا التنظيم عبر تنفيذ عمليات عديدة مثل هجوم سجن الحسكة يوم 20 جانفي 2022، عندما هاجمت عناصر التنظيم سجن الصناعة بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، في عملية فجّرت خلالها سيارة مفخّخة وتمكنت من دخول السجن مما أدى إلى فرار العشرات من عناصر التنظيم المحتجزين فيه اضافة الى الهجوم على مقر للجيش العراقي في ديالى شرق العراق، مما أسفر عن مقتل ضابط في الجيش برتبة ملازم و10 جنود. وفي المغرب العربي ، بدأ التنظيم بمحاولات لشن استهدافات مماثلة وتحديداً في تونس وليبيا والجزائر.
في ليبيا، هاجم عدد مجهول من أفراد داعش في 26 جانفي الماضي، دورية أمنية، وقتلوا 3 من أفرادها. كما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن مقتل جنديين والقضاء على إرهابييْن اثنيْن، في اشتباك مع «مجموعة إرهابية» بولاية حدودية مع النيجر.
وكان الهدف من تزامن عمليات داعش في عدة دول كسوريا والعراق وليبيا اثبات قدرة التنظيم على البقاء والتمدد بتمويل مالي زاد بشكل ملحوظ ، وبعمليات تجنيد منظّمة استهدفت الشباب في بعض الدول التي تمرّ بأزمات عصيبة مثل لبنان ، اذ كان لافتا تجنيد عشرات اللبنانيين في هذا التنظيم الارهابي لتنفيذ عملياته ارهابية بحق العراق الشقيق .
تحتّم هذه المستجدات مراجعة استراتيجيات مقاومة الارهاب لقتله في مهده وقبل ان يتحول من فكرة سوداء ظلامية الى جرائم ارهابية تصبغ أوطاننا باللون الأحمر وتعيدها عهودا الى الوراء وتسلب من الشباب مستقبلهم وتحولهم الى مجرد أدوات وظيفية لتنفيذ مخطط متكامل لتقسيم المنطقة.